فقبل الزوال ليس الوجب المقيد بما بعد الزوال متحققا ولا عدم الوجوب المقيد بذلك متحققا، إلا على نحو السالبة بانتفاء الموضوع.
نعم: جعل الوجوب بعد الزوال وإنشائه إنما يكون أزليا كعدم الجعل والانشاء، فإنه لا مانع من إنشاء وجوب الجلوس يوم الجمعة من يوم الخميس أو قبله، بل إنشاء الأحكام الشرعية كلها أزلية، فإذا شك في جعل وجوب الجلوس بعد الزوال أزلا فالأصل عدم الجعل، لان كل جعل شرعي مسبوق بالعدم، من غير فرق بين أخد الزمان قيدا أو ظرفا، غايته أنه إن أخذ الزمان قيدا لوجوب الجلوس لم يعلم انتقاض عدم الجعل بالنسبة إلى ما بعد الزوال، لأنه بناء على القيدية يحتاج وجوب الجلوس بعد الزوال إلى جعل آخر مغاير لجعل الوجوب قبل الزوال، وحيث إنه يشك في جعل الوجوب بعد الزوال فالأصل عدمه.
ولعل مراد الشيخ - قدس سره - من استصحاب العدم الأزلي بعد الزوال إذا كان الزمان قيدا هو عدم الجعل، لا عدم المجعول، لما عرفت: من أن عدم المجعول بعد الزوال لا يكون أزليا، بخلاف عدم الجعل، ولكن قد تقدم بما لا مزيد عليه في مباحث الأقل والأكثر أنه لا أثر لاستصحاب عدم الجعل إلا باعتبار ما يلزمه: من عدم المجعول، وإثبات عدم المجعول باستصحاب عدم الجعل يكون من الأصل المثبت.
هذا، مضافا إلى ما عرفت أيضا في مباحث الأقل والأكثر: من أن استصحاب البراءة الأصلية - المعبر عنه باستصحاب حال العقل - لا يجري مطلقا، لان العدم الأزلي ليس هو إلا عبارة عن اللا حكمية واللا حرجية، وهذا المعنى بعد وجود المكلف واجتماع شرائط التكليف فيه قد انتقض قطعا ولو إلى الإباحة، فان اللا حرجية في الإباحة بعد اجتماع شرائط التكليف غير