بكونه من شهر شعبان فلا يتضمن إدخال ما ليس من الشرع فيه، وكون ذلك واقعا كذلك لا مدخل له في المقام إذ الكلام بالنظر إلى ظاهر اعتقاد المكلف.
وبالجملة فإن الدليل المذكور لا يتم مع فرض المسألة كما ذكره ومع بطلان هذا الدليل الذي هو معتمده في المسألة يصير اختياره للقول المشهور عاريا عن الدليل، لأنه قد استدل بعد هذا الدليل بصحيحة محمد بن مسلم وقد قدمنا ما يرد عليها ثم استدل بموثقة سماعة ورواية الزهري وهما باصطلاحه من الضعيف الذي لا يقوم حجة ولا يثبت دليلا كما لا يخفى.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن بعض الأخبار المتعلقة بهذه المسألة زيادة على ما ذكرنا لا تخلو من الاجمال وقيام الاحتمال:
ومنها صحيحة معاوية بن وهب أو حسنته (1) قال: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يصوم اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان فيكون كذلك؟ فقال هو شئ وفق له ".
فإن قوله: " من شهر رمضان " يحتمل تعلقه ب " يصوم " يعني يصوم يوم الشك بنية كونه من شهر رمضان، وحينئذ فقوله عليه السلام " هو شئ وفق له " دليل على القول الثاني، وعلى هذا الاحتمال اعتمد في الذخيرة وجعل الخبر المذكور معارضا لصحيحة محمد بن مسلم المتقدمة بناء على استدلال الأصحاب بها. ويحتمل تعلقه ب " يشك فيه " وحينئذ فيكون الخبر موافقا لما ذكره الأصحاب ودلت عليه الأخبار من استحباب صوم يوم الشك بنية كونه من شعبان وأنه يجزئ عن شهر رمضان. والظاهر هو رجحان هذا الاحتمال لأن جملة الأحاديث المشتملة على أنه يوم وفق له إنما وردت في صيامه بنية كونه من شعبان كما تقدم في موثقة سماعة ومثلها غيرها من ما سيأتي إن شاء الله تعالى. وبه يظهر بطلان الاحتمال الأول الذي عول عليه في الذخيرة.