وثانيها جواز ابتلاعهما ما لم يصلا إلى الفم والمنع منه متى وصلا إليه، ذهب إليه الشهيدان.
وثالثها جواز اجتلاب النخامة من الصدر والرأس وابتلاعهما ما لم ينفصلا عن فضاء الفم كالريق، وإليه ذهب الفاضلان في المعتبر والمنتهى واختاره في المدارك.
والذي وقفت عليه في هذه المسألة من الأخبار رواية غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام (1) قال: " لا بأس بأن يزدرد الصائم نخامته " وكل من هؤلاء على اختلافهم قد استندوا إلى الرواية.
وزاد في المدارك في الاستدلال على ما اختاره من القول الثالث، قال: لنا إن ذلك لا يسمى أكلا ولا شربا فكان سائغا تمسكا بمقتضى الأصل السالم من المعارض. ولنا أيضا أن النخامة مساوية للريق في عدم الوصول من خارج فوجب مساواتها له في الحكم.
واستدل عليه في المعتبر أيضا بأن ذلك لا ينفك عنه الصائم إلا نادرا فوجب العفو عنه لعموم البلوى به.
أقول: ويمكن تأييده أيضا بما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان (2) قال: " سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل الصائم يقلس فيخرج منه الشئ أيفطره ذلك؟ قال لا. قلت فإن ازدرده بعد أن صار على لسانه؟ قال لا يفطر ذلك ".
والقلس على ما ذكره ابن إدريس في السرائر من أحد الأقوال فيه وهو الذي اختاره أنه خروج الطعام والشراب إلى الفم من البطن أعاده صاحبه أو ألقاه، نقل ذلك عن اليزيدي. ثم قال: وهذا أقوى من ما قاله الجوهري. لأنه قد نقل عن الجوهري قبل ذلك أن القلس بفتح القاف واللام والسين غير المعجمة ما خرج من الحلق ملء الفم أو دونه وليس بقئ فإن عاد فهو القئ.