الأخبار مصرحة بذلك، ولا أعلم أحدا استثنى من ذلك العرق المختلط بالمرق على أن المستثنى عليه البيان وإقامة البرهان، ونحن باقون على عموم الحكم حتى يثبت المزيل والله الهادي إلى سواء السبيل. وسيأتيك إن شاء الله بيان ما في هذا الكلام من انحلال الزمام واختلال النظام وإن كان خارجا عن المقام.
ثم إن ممن صرح بما قدمنا نقله عنهم من ابطال الصوم بابتلاع الريق بعد اخراجه من الفم شيخنا العلامة أجزل الله تعالى اكرامه في المنتهى حيث قال:
لو ترك في فمه حصاة أو درهما فأخرجه وعليه لمعة من الريق ثم أعاده فيه فالوجه الافطار قل أو كثر لابتلاعه البلل الذي على ذلك الجسم، وقال بعض الجمهور لا يفطر إن كان قليلا (1). وقال (قدس سره) أيضا لو أخرجه من فيه إلى طرف ثوبه أو بعض أصابعه ثم ابتلعه أفطر.
ولا أعرف لما ذكره (قدس سره) دليلا على الافطار بذلك إلا أن كان ما يدعونه من تحريم فضلة الانسان وأنه بعد الخروج من الفم يكون فضلة فيتعلق به الحكم دون ما إذا كان في الفم وإلا فالفرق بين ابتلاعه وهو في الفم وبعد خروجه منه غير ظاهر، مع أن ما يدعونه من تحريم فضله الانسان لا دليل عليه بل الدليل كما ستعرف إن شاء الله تعالى قائم على خلافه.
قال مولانا المحقق الأردبيلي (قدس سره) في شرح الإرشاد بعد أن نقل عنهم أنهم حكموا بكونه مفطرا إذا خرج من الفم ثم ابتلعه ما صورته: كأنه للصدق لأنه يقال أكل ريقه. ويمكن ايجاب كفارة الافطار بالمحرم لأنهم يقولون أنه إذا خرج من الفم يحرم أكله وما نعرف دليلهم. ثم قال (قدس سره) بعد نقل كلام المنتهى الأول: الظاهر عدم الافطار للأصل وعدم صدق الأدلة، ولهذا مع قولهم بالتحريم جوزوا الأكل بالقاشوقة بادخالها في الفم وكذا أكل الفواكه بعد العض مع بقاء الرطوبة في موضع العض وكذا في الشربة، نعم لو كان عليه