وروى لهم بعض أصحابنا أن صومه معصية؟ فأجاب: قال الفقيه يصوم منه أياما إلى خمسة عشرة يوما ثم يفطر إلا أن يصومه عن الثلاثة الأيام الفائتة للحديث: أن نعم شهر للقضاء رجب ".
أقول: يشم من هذا الخبر رائحة التقية ولعل في عدوله عليه السلام عن الجواب من نفسه إلى النقل عن الفقيه إيماء إلى ذلك، والعلامة قد نقل القول بكراهة صوم شهر رجب كله عن أحمد (1) ونقل عنه أنه احتج بما رواه خرشة بن الحر قال:
" رأيت عمر يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام ويقول كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية " وعن ابن عمر " أنه كان إذا رأى الناس وما يعدون لرجل كرهه وقال صوموا منه وافطروا " " ودخل أبو بكر على أهله وعندهم سلال جدد وكيزان فقال ما هذا؟ فقالوا رجب نصومه. قال أجعلتم رجبا رمضان فأكفأ السلال وكسر الكيزان " (2).
قال العلامة في المنتهى بعد نقل ذلك عن أحمد ونقل جملة من الأخبار الدالة على استحباب صيامه: ونقل أحمد عن عمر أنه إنما كان تعظمه الجاهلية يقتضي عدم العرفان بفضل هذا الشهر الشريف في الشريعة المحمدية، وكذا أمر ابن عمر وأبي بكر بترك صومه يدل على قلة معرفتهما بفضل هذا الشهر، وبالجملة لا اعتداد بفعل هؤلاء مع ما نقلناه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته.
أقول: بل الظاهر أن الوجه في منع القوم إنما هو ما سمعوه من أن هذا الشهر شهر علي عليه السلام كما ورد في بعض أخبارنا وأنه مأمور بصومه لذلك (3) كما أن شعبان شهر النبي صلى الله عليه وآله وشهر رمضان شهر الله تعالى (4) فيكون عليه السلام قرينا لهما في هذا