وذهب المحدث الكاشاني في أصول الوافي إلى أن معنى إنزاله في ليلة القدر إنزال بيانه بتفصيل مجمله وتأويل متشابهه وتقييد مطلقه وتفريق محكمه من متشابهه، قال: وبالجملة تتميم إنزاله بحيث يكون هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. انتهى أقول: والظاهر هو القول الأول ويدل عليه ما رواه ثقة الاسلام في الكافي بسنده عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام (1) قال: " سألته عن قول الله تعالى: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن (2) وإنما أنزل القرآن في عشرين سنة بين أوله وآخره؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام نزل القرآن جملة واحدة في شهر رمضان إلى البيت المعمور ثم أنزل في طول عشرين سنة. ثم قال قال النبي صلى الله عليه وآله: نزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من شهر رمضان وأنزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر رمضان وأنزل الزبور لثمان عشرة خلون من شهر رمضان وأنزل القرآن في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ".
أقول: في هذا الخبر دلالة على أن ليلة القدر هي ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان لاخباره صلى الله عليه وآله بإنزال القرآن فيها.
بقي أنه قد روى في التهذيب في باب فضل شهر رمضان من كتاب الصيام خبرا في أول الباب (3) فيه " أنه نزل القرآن في أول ليلة من شهر رمضان فاستقبل الشهر بالقرآن " ثم روى في آخر الباب حديثا عن أبي بصير (4) يتضمن أنزال الكتب المذكورة في هذا الخبر وانزال القرآن في ليلة القدر.
ولا يخفى مدافعة الخبر الأول من هذين الخبرين لما دل على النزول ليلة القدر