مطلقة في ذلك إلا أن صحيحة الأحول مصرحة باشتراط ذلك حيث إنه لما سأله عن الرجل الذي يطأ الموضع الذي ليس بنظيف ثم يطأ بعده مكانا نظيفا قال: " لا بأس إذا كان ذلك المكان النظيف قدر خمسة عشر ذراعا " ففيه اشعار بأن نفي البأس مخصوص بما إذا كان نظيفا بالمقدار المذكور.
أقول: والأظهر عندي الاستدلال على ذلك بقوله (صلى الله عليه وآله) في ما روى عنه بعدة طرق فيها الصحيح وغيره (1) " جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا " وهو باطلاقه شامل لما نحن فيه فإن الطهور لغة بمعنى الطاهر المطهر كما تقدم تحقيقه في صدر الباب الأول وهو أعم من أن يكون مطهرا من الحدث والخبث، والعجب من أصحابنا (رضوان الله عليهم) حيث إنهم في المقام ناقشوا في اشتراط طهارة الأرض ولم يلم أحد منهم ممن قال بالطهارة بهذا الحديث وإنما استدلوا بأن النجس لا يفيد غيره تطهيرا، وفي بحث التيمم لم يذكروا دليلا على طهارة التراب سوى الاجماع، وبعض متأخري المتأخرين نقل الخبر المذكور دليلا وتنظر في الاستدلال به، وليت شعري أي معنى لهذا الخبر وأين مصداقه الذي افتخر به (صلى الله عليه وآله) وذكر أنه اختص به؟
إذ لا يخفى أنه لم يرد في الشرع موضع تصير فيه الأرض مطهرة غير هذين الموضعين وثالثهما إناء الولوغ ولم يذكروا أيضا هذا الخبر فيه ورابعها أحجار الاستجمار، وحينئذ فإذا لم تدخل هذه المواضع في مصداق الخبر ولم يجعل دليلا عليها فلا مصداق له بالكلية فكيف يقول (صلى الله عليه وآله) " جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا "؟ وليس المراد الاختصاص به حتى أنه يكون ذلك من خصوصياته بل المراد إنما هو له ولأمته، وفي أي موضع يوجد مصداقه إذا لم تدخل هذه الأشياء فيه؟ ما هذه إلا غفلة ظاهرة تبع فيها المتأخر المتقدم، ويزيد ذلك ما في دعائم الاسلام (2) حيث قال: " قالوا (عليهم السلام)