من نجاسة البول مطلقا كائنة ما كانت، إلا أن ما ذكره من التقييد بما يشبههما لم أقف عليه في كلامه بل ظاهره القول بوجوب التثنية من نجاسة البول مطلقا، وما ذكره في توجيه التعدية فالظاهر بعده بل الظاهر أن الوجه في ذلك أنما هو احتمال خروج الثوب والبدن في الأخبار مخرج التمثيل بناء على أنه الفرد الغالب في ملاقاة النجاسة فلا يقتضي قصر الحكم عليهما وأن خصوص السؤال عنهما لا يخصص. وقيل بوجوب المرة مطلقا وقد تقدم نقله عن الشيخ في المبسوط وبه جزم في البيان، واعتبر في المعتبر المرة بعد إزالة العين أخذا بالاطلاق، وأوجب العلامة في التحرير المرتين فيما له قوام وثخن كالمني دون غيره، وقال في المنتهى النجاسات التي لها قوام وثخن كالمني أولى بالتعدد في الغسلات.
أقول: وتحقيق القول في هذا المقام بما يصل إليه الفهم القاصر من أخبارهم (عليهم السلام) هو وجوب المرتين من نجاسة البول في الثوب والبدن كما تقدم للأخبار المتقدمة ووجوب المرة فيما عدا ذلك لاطلاق الأمر بالغسل إذ لا ذكر للتعدد إلا في البول في الموضعين المذكورين والأواني على بعض الوجوه كما يأتي ونحن قد استثنيناها في صدر الكلام، إذ الأمر بالماهية يصدق بالمرة والأصل يقتضي براءة الذمة من الزائد.
نعم يبقى الكلام فيما له قوام وثخن كما ذكره العلامة فإن ظاهر قوله (عليه السلام) في حسنة الحسين بن أبي العلاء: " صب عليه الماء مرتين فإنما هو ماء " يدل بمفهومه على أن غير الماء أكثر عددا ويدل على أنه أضعف حكما بالنظر إلى الإزالة مما له قوام وثخن، ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن الصادق (عليه السلام) (1) قال: " ذكر المني فشدده وجعله أشد من البول " وهو ظاهر في ثبوت الأولوية في المني (لا يقال): إن مقتضى ما ذكرتم هو كون البول أضعف نجاسة من الدم إذ البول ماء كما ذكرتم والدم له ثخن وقوام، مع أن الأمر بالعكس حيث إنه قد عفي عن الدم في مواضع كما تقدم والبول لم يعف عن قليله ولا كثيره بل تجب إزالته كيف كان