حال الضرورة، وذهب الفاضلان في المعتبر والمنتهى والشهيدان وجماعة من المتأخرين إلى أن العفو ثابت اضطر إلى لبسه أم لم يضطر وأن المصلي مخير بين الصلاة فيه والصلاة عاريا، وزاد الشهيدان وجماعة أن الصلاة فيه أفضل، وبهذا القول صرح ابن الجنيد من المتقدمين في كتابه المختصر فقال: ولو كان مع الرجل ثوب فيه نجاسة لا يقدر على غسلها كانت صلاته فيه أحب إلي من صلاته عريانا. وأوجب مع ذلك إعادة الصلاة إذا وجد ثوبا طاهرا فقال في موضع آخر من الكتاب: والذي ليس معه إلا ثوب واحد نجس يصلي فيه ويعيد في الوقت إذا وجد غيره ولو أعاد إذا خرج الوقت كان أحب إلي. أقول: والأصل في هذا الخلاف اختلاف الأخبار الواردة في المسألة كما ستقف عليه احتج الشيخ على ما ذهب إليه من عدم العفو ووجوب الصلاة عاريا مع عدم الضرورة باجماع الفرقة ذكره في الخلاف، وبأن النجاسة ممنوع من الصلاة فيها ومن يجيزها فيها فعليه الدلالة، وبما رواه سماعة (1) قال: " سألته عن رجل يكون في فلاة من الأرض ليس عليه إلا ثوب واحد وأجنب فيه وليس عنده ماء كيف يصنع؟ قال يتيمم ويصلي عريانا قاعدا ويومئ " هكذا في الكافي والتهذيب وفي الإستبصار " ويصلي عريانا قائما ويومئ إيماء " وما رواه محمد بن علي الحلبي عن الصادق (عليه السلام) (2): " في رجل أصابته جنابة وهو بالفلاة وليس عليه إلا ثوب واحد فأصاب ثوبه مني؟ قال يتيمم ويطرح ثوبه ويجلس مجتمعا ويصلي ويومئ إيماء ".
واحتج على ما ذهب إليه من جواز الصلاة فيه بالنجاسة مع الضرورة ووجوب الإعادة حينئذ بما رواه عن عمار الساباطي عن الصادق (عليه السلام) (3) " أنه سئل عن رجل ليس معه إلا ثوب ولا تحل الصلاة فيه وليس يجد ماء يغسله كيف يصنع؟
قال يتيمم ويصلي فإذا أصاب ماء غسله وأعاد الصلاة ".