دوانيق في زمن عبد الملك كما في الذكرى أو زمن عمر كما في النقل الآخر، وحينئذ فما ذكره المحقق في المعتبر وابن إدريس من أن الدرهم البغلي هو المنسوب إلى هذه القرية المذكورة وأن ابن إدريس شاهد بعضا منها ربما أوهم المنافاة لما تقدم من حيث كون الدرهم المذكور ضرب أخيرا وجرى في المعاملة كذلك مع ما علم من اختصاص ذلك بعصره (صلى الله عليه وآله) وما قبله وما قرب منه أخيرا. ويمكن أن يقال في الجواب عن ذلك أن النسبة إلى هذه القرية وضربه بها يمكن أن يكون في زمنه (صلى الله عليه وآله) وقبله لأن بابل وما قرب منها من البلدان القديمة وبقاء بعض منها إلى ذلك الوقت لا يدل على المعاملة وإنما يدل على أنها بعد نسخها وهجرها وبطلان المعاملة بها بقيت في تلك القرية الخربة حتى أنهم كانوا يلتقطونها منها، وإنما تبقى المنافاة في سبب التسمية والنسبة بين ما ذكره في الذكرى من أن السبب في تسميتها بغلية هو ضرب ذلك الرجل المسمى برأس البغل لها وبين ما ذكروه هنا من النسبة إلى هذه القرية، والأمر في ذلك سهل لا يترتب على اختلافه حكم شرعي بعد الاتفاق على الدرهم المعلوم.
و (الثاني) أن أكثر هذه الأخبار المتقدمة قد وردت عن الباقر والصادق ومن بعدهما (عليهم السلام) والدرهم الذي استقر عليه أمر الاسلام في زمانهم (عليهم السلام) إنما هو الذي وزنه ستة دوانيق فاطلاق الأخبار إنما ينصرف إليه وهذا الاشكال قد تنبه له في المدارك فقال بعد نقل ملخص كلام الذكرى: ومقتضاه أن الدرهم كان يطلق على البغلي وغيره وأن البغلي ترك في جميع العالم زمان عبد الملك وهو متقدم على زمان الصادق (عليه السلام) قطعا فيشكل حمل النصوص الواردة عنه (عليه السلام) عليه والمسألة قوية الاشكال. انتهى. والجواب عن ذلك ما قدمنا ذكره من أن الأخبار وإن كانت مطلقة بذكر الدرهم إلا أن عبارة الفقه الرضوي قد اشتملت على تقييده بما ذكره الأصحاب (رضوان الله عليهم) فيجب حمل اطلاق الأخبار الباقية عليها، ويؤيده أن الظاهر أن التحديد بهذا الدرهم إنما ذكره الأئمة (عليهم السلام)