شهادة ابن إدريس في قدره مسموعة مريدين بذلك الاعتماد على التقدير الذي ذكره، وكيف يستقيم ذلك وفرض كون كلامه شهادة مقتض لتوقف الحكم بمضمونها على التعدد كما هو شأن الشهادة، ومع التنزل فهو مبني على تفسيره كما قلناه فلا بد من ثبوت التفسير أولا ولم يظهر من حال الجماعة الذين ذكروا هذا الكلام أنهم معتمدون على هذا التفسير، وبالجملة فالمصير إلى شئ من التفسيرين والبناء على واحد من التقديرين مع عدم ظهور الحجة وإنما هي دعاو مجردة عن الدليل دخول في ربقة التقليد، والوقوف مع القدر الأقل هو الأولى ولعل القرائن الحالية تشهد بنفي ما دونه. انتهى كلامه.
أقول: لا يخفى أن هذا البعض الذي أشار إليه بقوله: وقال بعض الأصحاب إنه لا تناقض.. الخ إنما هو والده في الروض حيث قال بعد ذكر المصنف التقدير بسعة الدرهم البغلي ما صورته: باسكان الغين وتخفيف اللام منسوب إلى رأس البغل ضربه الثاني في ولايته بسكة كسروية فاشتهر به وقيل بفتحها وتشديد اللام منسوب إلى بغل قرية بالجامعين كان يوجد فيها دراهم تقرب سعتها من أخمص الراحة وهو ما انخفض من باطن الكف ذكر ابن إدريس أنه شاهده كذلك وشهادته في قدره مسموعة، وقدر أيضا بعقد الإبهام العليا وهو قريب من أخمص الكف وقدر بعقدة الوسطى، والظاهر أنه لا تناقض بين هذه التقديرات لجواز اختلاف أفراد الدراهم من الضارب الواحد كما هو الواقع وأخبار كل واحد عن فرده رآه. انتهى.
ثم أقول: لا يخفى أن ظاهر كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) الاتفاق على أن المراد بالدرهم في الأخبار المذكورة هو الدرهم الوافي الذي وزنه درهم وثلث كما اشتملت عليه عبارة ابن إدريس والمحقق والشهيد في الذكرى وبه صرح الصدوق في الفقيه والمفيد في المقنعة حيث قال: فإن أصاب ثوبه دم وكان مقداره في سعة الدرهم الوافي الذي كان مضروبا من درهم وثلث وجب عليه غسله بالماء ولم يجز له الصلاة فيه.. إلى آخره، والعلامة في جملة من كتبه والشهيد الثاني في الروض وغيرهم