لأن ظاهر جملة من علماء الخاصة والعامة أن غالب الدراهم التي في صدر الاسلام هي الدرهم البغلي الذي وزنه ثمانية دوانيق والطبري الذي وزنه أربعة دوانيق، والأصحاب احترزوا هنا بقيد الوافي وإن وزنه درهم وثلث عن الدرهم الآخر وهو الطبري، وكلام ابن الجنيد وابن أبي عقيل ليس فيه ظهور في مخالفة ذلك وإنما غاية ما فيه أنه مطلق بالنسبة إلى تعيين الدرهم فيحمل على كلام الأصحاب المذكور جمعا وأن المراد به الدرهم الوافي الذي هو البغلي، والأخبار التي قدمناها وإن كانت مطلقة أيضا إلا أن كلام الرضا (عليه السلام) في الفقه الرضوي صريح في إرادة الدرهم الذي ذكره الأصحاب، وحينئذ فالواجب حمل مطلق الأخبار عليه، وبما ذكرنا يحصل اتفاق الأخبار وكلمة الأصحاب على أن المراد بالدرهم هو الدرهم الوافي الذي وزنه درهم وثلث دون الدرهم الطبري الذي هو الدرهم الآخر ودون الدرهم الذي استقر عليه أمر الاسلام أخيرا وهو الذي وزنه ستة دوانيق، وعلى هذا فلا اشكال ولا خلل فيما ذكره شيخنا الشهيد الثاني في الروض من أنه لا تناقض بين هذه التقديرات.. إلى آخر ما تقدم نقله عنه، فإنه متى ثبت أن المراد بالدرهم في الأخبار هو الدرهم الذي بهذا الوزن المخصوص فسعته الحاصلة من ضربه ربما اختلفت كما هو المشاهد من الدراهم والدنانير المضروبة في هذه الأزمنة، وأما ما يظهر من بعض عباراتهم من أن التفسير بكونه عبارة عن الوافي الذي هو درهم وثلث مناف للتقدير بأخمص الراحة وسعة عقد الإبهام الأعلى فهو غلط محض لأن التقدير الأول إنما هو تقدير للوزن والتقديرين الأخيرين إنما هو تقدير للمساحة والسعة فأي منافاة هنا كما توهموه؟
نعم يبقى الاشكال هنا في مقامين: (الأول) أن ظاهر الأخبار وكلام الأصحاب كما عرفت هو أن المراد بهذا الدرهم هو الدرهم الوافي الذي كان في زمنه (صلى الله عليه وآله) دون الدرهم الآخر الناقص وأنه كما ذكره في الذكرى ونقله عن ابن دريد يسمى بالبغلي للعلة التي ذكرناها، ومن المتفق عليه بين الخاصة والعامة أن الدرهم المذكور قد غير مع الدرهم الآخر واستقر أمر الاسلام على الدرهم الذي وزنه ستة