من خفاء وكأن المراد به أن اجتماع المسلم والنصراني حال الاغتسال موجب لإصابة ما يتقاطر من بدن النصراني لبدن المسلم فينجسه. ولازم ذلك عدم صحة الغسل بماء الحمام حينئذ وتعين الاغتسال بغيره، وأما إذا اغتسلا منفردين فليس بذلك بأس ولكن مع تقدم مباشرة النصراني للحوض يغسل المسلم الحوض من أثر تلك المباشرة ثم يغتسل منه، وبهذا يظهر أن الحكم مفروض في حوض لا يبلغ حد الكثير وتكون المادة فيه منقطعة حال مباشرة النصراني له ويكون للمسلم سبيل إلى اجرائها ليتصور إمكان غسل الحوض كما لا يخفى، ولأنه مع كثرة الماء واتصال المادة به لا وجه للحكم بالتنجيس اللهم إلا أن يراد نجاسة ظاهر الحوض بما يتقاطر من بدن النصراني، وعلى كل حال لا بد أن يراد من الاغتسال ما يكون بالأخذ من الحوض وإلا فمع كونه بالنزول إلى الماء لا سبيل إلى النجاسة مع الكثرة أو اتصال المادة ولا معنى لغسل الحوض مع القلة، وقوله في الرواية:
" يغتسل على الحوض " مشعر بذلك أيضا وإلا لأتى ب " في " بدل " على " وأما استثناء حال الاضطرار في الحكم بالمنع من الوضوء مما يدخل اليهودي والنصراني يده فيه كما وقع في عجز الرواية فربما كان فيه دلالة على الطهارة وأن المنع محمول على الاستحباب فلا يتم الاحتجاج به على النجاسة، وقد أشار إلى ذلك في المعتبر على طريق السؤال عن وجه الاحتجاج به وأجاب بأنه لعل المراد بالوضوء التحسين لا رفع الحدث، قال ويلزم من المنع منه للتحسين المنع من رفع الحدث بل أولى. ولا يخفى ما في هذا الجواب من التعسف. ويمكن أن يقال إن استثناء حال الضرورة إشارة إلى تسويغ استعماله في غير الطهارة عن الاضطرار. انتهى كلامه. وفي بعض مواضعه نظر يعلم مما قدمناه.
هذا ما حضرني من الأخبار الدالة على القول بالنجاسة وربما وقف المتتبع على ما يزيد على ذلك أيضا.