ادعوا الاجماع على عموم الحكم بالتنجيس لجميع الأصناف، وكلام العلامة في المنتهى ظاهر فيه، وكأنهم لم يعتبروا الخلاف المحكي في ذلك، أما من جهة المفيد فلأنه موافق في أحد قوليه ولعلهم اطلعوا على أنه المتأخر، وأما ابن الجنيد فلأن المشهور عنه العمل بالقياس فلا التفات إلى خلافه. انتهى. وقال في الذخيرة: والتحقيق أنه لولا الشهرة العظيمة بين العلماء وادعاء جماعة منهم الاجماع على نجاسة أهل الكتاب لكان القول بالطهارة متجها لصراحة الأخبار الدالة على الطهارة على كثرتها في المطلوب وبعد حمل الكلام على التقية وقرب التأويل في أخبار النجاسة بحملها على الاستحباب والكراهة فإنه حمل قريب. انتهى. أقول: أما ما ذكره من التأييد بالشهرة العظيمة فجيد كما ذكرنا ومؤيد لما اخترناه. وأما ما ذكره من اتجاه القول بالطهارة لولا ما ذكره لبعد الحمل على التقية وقرب التأويل في أخبار النجاسة بحملها على الاستحباب والكراهة فهو وإن سبقه إليه السيد في المدارك إلا أنه اجتهاد محض في مقابلة النصوص وجرأة تامة على أهل الخصوص، لما عرفت من أنهم (عليهم السلام) قد قرروا قواعد لاختلاف الأخبار ومهدوا ضوابط في هذا المضمار ومن جملتها العرض على مذهب العامة والأخذ بخلافه، والعامة هنا كما عرفت متفقون على القول بالطهارة أو هو مذهب المعظم منهم (1) بحيث لا يعتد بخلاف غيرهم فيه، الأخبار المذكورة مختلفة باعترافهم، فعدولهم عما مهده أئمتهم إلى ما أحدثوه بعقولهم واتخذوه قاعدة كلية في جميع أبواب الفقه بآرائهم من غير دليل عليه من سنة ولا كتاب جرأة واضحة لذوي الألباب، وليت شعري لمن وضع الأئمة (عليهم السلام) هذه القواعد المستفيضة في غير خبر من أخبارهم إذا كانوا في جميع أبواب الفقه إنما عكفوا في الجمع بين الأخبار في مقام الاختلاف على هذه القاعدة والغوا العرض على الكتاب العزيز والعرض على مذهب العامة كما عرفت هنا؟ وهل وضعت لغير هذه الشريعة أو أن المخاطب بها غير العلماء الشيعة؟ ما هذا إلا عجب
(١٧٣)