واستدل أيضا في المسالك على الحلية بصحيحة أبي بصير (1) قال: " كان أبو عبد الله (عليه السلام) تعجبه الزبيبة " قال: وهذا ظاهر في الحل لأن طعام الزبيبة لا يذهب فيه ثلثا ماء الزبيب كما لا يخفى انتهى. واقتفاه في هذه المقالة المولى الأردبيلي في شرح الإرشاد فقال بعد نقل الرواية المذكورة مثل ما ذكره هنا. وقال بعض مشايخنا المعاصرين بعد الاستدلال بهذه الرواية أيضا: لأن الظاهر أن المراد الطعام الذي يطبخ معه الزبيب أو يطبخ معه ماء الزبيب وهو لا يستلزم ذهاب ثلثي ماء الزبيب غالبا كما هو واضح.
أقول: والاستدلال بهذه الرواية لا يخلو عندي من اشكال لعدم العلم بكيفية ذلك الطعام، ومن المحتمل قريبا الحمل على الأشربة الزبيبية التي يأتي ذكرها في الأخبار، ولكن استدلال شيخنا الشهيد الثاني بالخبر المذكور وقوله بعده ما ذكر وكذا المولى الأردبيلي ربما يؤذن بكونهما عالمين بكيفية ذلك على الوجه الذي ذكراه ولعله وصل إليهم ولم يصل إلينا.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنه قد استدل على القول بالتحريم كما عرفت برواية علي ابن جعفر عن أخيه (عليه السلام) (2) قال: " سألته عن الزبيب هل يصلح أن يطبخ حتى يخرج طعمه ثم يؤخذ ذلك الماء فيطبخ حتى يذهب ثلثاه ويبقى الثلث ثم يرفع ويشرب من السنة؟ قال لا بأس به " وطعن في هذه الرواية جملة من المتأخرين ومتأخريهم بضعف السند (أولا) لاشتماله على سهل بن زياد. و (ثانيا) أن دلالتها بالمفهوم في كلام السائل وهو ضعيف ومع تسليم صحته فدلالة المفهوم إنما تكون حجة ما لم يظهر للتعليق فائدة أخرى من الجائز بل الظاهر أن هذا العمل المخصوص إنما هو لمن أراد بقاءه عنده ليشرب منه فتكون فائدة التقييد بذهاب الثلثين ليذهب مائيته فيصلح للمكث والبقاء