ونوح وبين إبليس لعنه الله في العنب خاصة وأن الحرام هو عصير العنب، والزبيب خارج عن اسم العنب فلا يحرم ماؤه كالحصرم انتهى. أقول: يمكن للخصم المناقشة في هذا الاستدلال بأن ظاهر الأخبار التي أشار إليها (قدس سره) أن النزاع كان في ثمرة شجرة الكرم مطلقا ولا دلالة لها على الاختصاص بالعنب كما في موثقة زرارة الدالة على أن نوحا لما غرس الحبلة وهي شجرة العنب وقلعها إبليس لعنه الله فتنازع معه وقال له إبليس اجعل لي نصيبا فجعل له الثلث إلى أن استقر الأمر على الثلثين، فإنها دالة على أنه جعل له نصيبا في الشجرة يعني ما يخرج منها من الثمرة ولا اختصاص له بالعنب، ومثل ذلك أيضا موثقة سعيد بن يسار وباقي الأخبار المنقولة من العلل.
واستدل الشهيد الثاني في المسالك بعد أن صرح بأن الحكم مختص بالعنب فلا يتعدى إلى غيره كعصير التمر ما لم يسكر ولا إلى عصير الزبيب على الأصح لخروجه عن اسم العنب بذهاب ثلثيه وزيادة بالشمس، ومثل ذلك في الروض وشرح الرسالة، واعترضه في المفاتيح بأن ما ذكره من ذهاب ثلثيه بالشمس إنما يتم لو كان قد نش بالشمس أو غلى حتى يحرم ثم يحل بعد ذلك بذهاب الثلثين، والغليان بالشمس غير معلوم فضلا عن النشيش وهو صوت الغليان. وأما ما جف بغير الشمس فلا غليان فيه فلا وجه لتحريمه حتى يحتاج إلى التحليل بذهاب الثلثين، على أن اطلاق العصير على ما في حبات العنب كما ترى. انتهى كلامه. وهو جيد.
وأما ما أجاب به بعض مشايخنا المعاصرين وهو الذي تقدمت الإشارة إليه في صدر المقام من أن الموضوع في الشمس لأجل أن يصير زبيبا قد يحصل فيه القلب أو النشيش أعني النقص فإذا ذهب منه الثلثان فقد حل، وأن الحكم في العنب إنما تعلق بمائه وإن لم يخرج من الحب، والتعبير في الأخبار بالعصير إنما هو جريا على الغالب لا تخصيصا للحكم والمراد ما من شأنه أن يؤخذ بالعصر، ومن ثم لو طبخ حب العنب في ماء أو طبيخ حرم ذلك المطبوخ اجماعا. انتهى فظني بعده لأن دعوى حصول القلب