كان في رمضانين، تكررت الكفارة إجماعا - إلا رواية عن أبي حنيفة (1) - سواء كفر عن الأول أو لا.
ولو كرر في يومين من رمضان واحد، وجبت عليه كفارتان، سواء كفر عن الأول أو لم يكفر عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي ومالك والليث وابن المنذر، وهو قول عطاء ومكحول (2) - لأن كل فعل من هذين الفعلين لو انفرد، لاستقل بإيجاب الكفارة، فكذا حالة الاجتماع، لأصالة بقاء الحقيقة على ما كانت عليه.
ولأن كل واحد من الذنبين سبب في إيجاب عقوبة الكفارة، فعند الاجتماع يبقى الحكم بطريق الأولى، لزيادة الذنب.
ولأن كل يوم عبادة قد هتكت، وهي منفردة عن العبادة الأخرى لا تتحد صحتها مع صحة ما قبلها ولا ما بعدها، ولا بطلانها مع بطلانها، فلا يتحد أثر السببين فيهما.
ولأن أحد الأمرين لا يتحد مع الآخر، وهو القضاء، فكذا الأمر الآخر.
وقال أبو حنيفة: إن لم يكفر عن الأول فكفارة واحدة، وإن كفر فروايتان، إحداهما: أنها كفارة واحدة أيضا - وبه قال أحمد والزهري والأوزاعي - لأن الكفارة تجب على وجه العقوبة، ولهذا تسقط بالشبهة، وهو: إذا ظن أن الفجر لم يطلع، وما هذا سبيله تتداخل العقوبة فيه كالحدود (3).
والفرق: أن الحدود عقوبة على البدن، وهذه كفارة، فاعتبارها بالكفارات أولى.