والنبي عليه السلام في مجلس قريبا من المقام، فسلم على النبي صلى الله عليه وآله، ثم قال: يا نبي الله إني نذرت لئن فتح الله للنبي والمؤمنين مكة لأصلين في بيت المقدس، وإني وجدت رجلا من أهل الشام هاهنا في قريش مقبلا معي ومدبرا، فقال النبي صلى الله عليه وآله: (هاهنا فصل) فقال الرجل قوله هذا ثلاث مرات كل ذلك يقول النبي صلى الله عليه وآله: (هاهنا فصل) ثم قال الرابعة مقالته هذه، فقال النبي صلى الله عليه وآله: (اذهب فصل فيه، فوالذي بعث محمدا بالحق لو صليت هاهنا لقضي عنك ذلك كل صلاة في بيت المقدس) (1).
مسألة 197: قد بينا أن الأقوى أن الاعتكاف إنما يجوز في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وآله، ومسجد الكوفة ومسجد البصرة، فلو نذر أن يعتكف في غير هذه الأربعة لم يجز.
وعلى القول الآخر لعلمائنا بجواز الاعتكاف في غيرها لو نذر أن يعتكف في غيرها، انعقد نذره، وتعين ما عينه، وهو أحد قولي الشافعي (2).
يكن له الخروج منه، ولا الانتقال إلى مسجد آخر، لكن لو كان ينتقل في خروجه لقضاء الحاجة إلى مسجد آخر على مثل تلك المسافة أو أقرب، كان له ذلك في أصح وجهي الشافعية (3).
ولو أوجب على نفسه اعتكافا في مسجد فانهدم، اعتكف في موضع منه، فإن لم يتمكن، خرج، فإذا بني المسجد، رجع وبنى على اعتكافه.
ومن لم يوجب التعيين بالنذر، له أن يخرج إلى أين شاء من المساجد ليعتكف فيه.