خروجه عن ملكية المأمور، وإن الشارع لم يقرره على تملك هذا المال، ولهذا وجب الزكاة في العين بعد أمر الشارع بدفع حصة منها إلى الفقراء، وإلا فلم يرد حكم وضعي في تملك الفقراء لحصة من العين، وما ورد من " أن الله سبحانه شرك بين الأغنياء والفقراء " (1) و " وأن الله جعل للفقراء في أموال الأغنياء ما يسعهم " (2) ونحو ذلك.
فهو ناظر إلى تكليفه تعالى الأغنياء بدفع شئ من أموالهم، لا أنه تعالى ملك الفقراء حصة الزكاة بحكم وضعي، ثم كلف الأغنياء بدفع حصتهم إليهم، فالحكم بالتشريك والجعل إنما أخذه الإمام عليه السلام من الحكم التكليفي بالدفع.
والحاصل: أنه قد يتحقق التملك سابقا ثم يتفرع عليه وجوب الأداء، كما في التكليف بأداء الدين ورد الوديعة، وقد يثبت أولا التكليف بالدفع ويتفرغ عليه استحقاق المدفوع إليه وثبوت حقه في العين كلا أو بعضا، والظاهر أن الزكاة من هذا القبيل، وأما الكفارات فهي غير متعلقة بالعين إلا بعد موت المكلف.
إذا عرفت هذا فنقول: إذا أراد الناذر بالتصدق (3) المنذور، نقل المال عن ملكه إلى ملك المستحق، فالواجب عليه بعد النذر هو النقل، ولازم ذلك عدم خروج العين عن ملكه بمجرد النذر، وإلا لم يعقل وجوب النقل بعد النذر، وإن أراد بالتصدق دفع المال إلى المستحق فهو مأمور بالدفع، فيجب عليه دفعه إلى المستحق، فيكون كالزكاة الواجب دفعها إلى المستحقين.
إلا أن يقال: بأن الدفع إذا أمر به ابتداء من قبل الشارع، فهو ظاهر في كون الحكمة فيه استحقاق المدفوع إليه له. وأما إذا أمر به من جهة التزام