الكثيرة الواردة مورد الحاجة من الكتاب والسنة، ومن هنا يقال: " رب عام يقدم على الخاص "، أن دلالتها على اعتبار العدالة غير ظاهرة، لأن الظاهر من شارب الخمر هو المقيم عليه، ولعل النهي عن إعطائه إن حصول الفقر في مثل هذا الفقير غالبا لاحتياجه إلى ثمن الخمر، وما هو من لوازم شربه والمداومة عليه، فإن له مؤنا كثيرة لا تخفى، وليس فقره باعتبار عجزه عن قوت السنة له ولعياله، ويحتمل أن يكون النهي لأجل رجاء كون منعه عن الزكاة، والتضييق عليه في المعاش أو إذلاله بحرمانه عما يوصل إلى أمثاله سببا لارتداعه عن فعله القبيح، ويحتمل أن يكون المنع لغير ما ذكرنا من الحكم والمصالح.
وكيف كان فليس القول بالفصل بين المقيم على شرب الخمر وغيره من الكبائر التي لا دخل لها في تضييع المال كالغيبة مثلا خرقا للاجماع، وعلى تقدير كونه خرقا فالفصل بين المقيم على الكبيرة وبين مرتكبها (1) ولو مرة، ليس خرقا، كيف وهو المحكي عن الإسكافي حيث قال: لا يعطى شارب الخمر ولا المقيم على كبيرة (2)، وعلى تقدير عدم قدح الإسكافي وكون ذلك أيضا خرقا، فليس مجرد ترك الكبيرة بمجرد الاتفاق - بل لعدم التمكن مع وجود ملكة المعصية - عدالة، غاية الأمر أن ارتكاب الكبيرة رافع للاستحقاق الثابت قبله، وأين ذلك من العدالة التي هي إما الملكة، وإما حسن الظاهر.
وعلى تقدير ثبوت الاجماع المركب وعدم جواز الفصل بين المنع من إعطاء شارب الخمر واعتبار العدالة، فنقول: غاية الأمر كون هذه الرواية بضميمة الاجماع المركب معارضة لما تقدم من العمومات بالخصوص، فكما يمكن التخصيص يمكن حمل النهي على الكراهة لرجاء ارتداعه، ولا نسلم أولوية مثل هذا التخصيص على مثل هذا المجاز في هذا المقام. وبالجملة، فالخروج عن تلك