ثم اضطرته القافية إلى أن يأتي بألفاظ غريبة وبعضها لا يخلو من قلق وتنافر كالرعاث والجثجات والكباث فقال.
فتأبدت من كل مخطفة الحشى * غيداء تكسي يارقا ورعاثا (1) كالظبية الأدماء صافت فارتعت * زهر الربيع الغض والجثجاثا حتى إذا ضرب الخريف رواقه * صافت برير اراكة وكباثا (2) ولئن اضطرته القافية إلى هذه القوافي الثلاث فلا ضرورة به إلى استعمال تأبدت ويارقا وبريرا الا أنه لا عيب عليه في ذلك لأنها ألفاظ عربية جيدة قد أنس ذهنه بها ولم تكن غريبة عنده وهو يستعمل ألفاظ العرب الأول وينحو مناحيهم كما ذكرناه في موضع آخر ثم قال فابدع.
سيافة اللحظات يغدو طرفها * بالسحر في عقد النهى نفاثا ثم عاد باضطرار القافية إلى استعمال الألفاظ الغريبة كالدلاث والجثجاث والدلهاث وغيرها فقال.
ان الهموم الطارقاتك موهنا * منعت جفونك ان تذوق حثاثا (3) ورأيت ضيف الهم لا يرضى قرى * الا مداخلة القفار دلاثا (4) ثم قال يصف الناقة وأبدع.
شجعاء جرتها الذميل تلوكه * أصلا إذا راح المطي غراثا (5) ثم عاد إلى استعمال الغريب فقال.
أجد إذا ونت المهارى ارقلت * رقلا كتحريق الغضا جثجاثا (6) طلبت فتى جشم بن بكر مالكا * ضرغامها وهزبرها الدلهاثا (7) ثم قال في مديحها فابدع.
ملك إذا استسقيت مزن بنانه * قتل الصدى وإذا استغيث أغاثا قد جربته تغلب ابنة وائل * لا خاترا غدرا ولا نكاثا هم مزقوا عنه سبائب حلمه * وإذا أبو الأشبال احرج عاثا لولا القرابة جاسهم بوقائع * تنسي الكلاب وملهما وبعاثا (8) فوق متونهن فوارس * مثل الصقور إذا لقين بغاثا لكن قراكم صفحه من لم يزل * وأبوه فيكم رحمة وغياثا عمرو بن كلثوم بن مالك الذي * ترك العلى لبني أبيه تراثا ردعوا الزمان وهم كهول جلة * وسطوا على أحدثه أحداثا كم مسحب بك لوعدتك قلاصه * تبغي سواك لا وعثت ايعاثا خولته غيثا أغن وجاملا * دثرا ومالا صامتا وأثاثا ثم وصف قرى الفلاحين وبيوتهم وحالهم وجعل بلادهم مقابر اللذات فقال وأجاد وأصاب.
لولا اعتمادك كنت في مندوحة * عن برقعيد وأرض باعيناثا والكامخية لم تكن لي موطنا * ومقابر اللذات من قبراثا (9) لم آتها من أي وجه جئتها * الا حسبت بيوتها أجداثا بلد الفلاحة لو أتاها جرول * أعني الحطيئة لاغتدى حراثا تصدى بها الافهام بعد صقالها * وترد ذكران العقول إناثا ارض خلعت اللهو خلعي خاتمي * فيها وطلقت السرور ثلاثا ومن مدائحه في مالك بن طوق قوله:
قل لابن طوق رجا سعد إذا خبطت * نوائب الدهر أعلاها وأسفلها أصبحت حاتمها جودا وأحنفها * حلما وكيسها علما ودغفلها مالي أرى الحجرة البيضاء مقفلة * عني وقد طال ما استفتحت مقفلها كأنها جنة الفردوس معرضة * وليس لي عمل زاك فأدخلها ومن مدائحه في مالك بن طوق قوله من قصيدة.
سلم على الربع من سلمى بذي سلم * عليه وسم من الأيام والقدم ما دام عيش لبسناه بساكنه * لدنا ولو أن عيشا دام لم يدم يا منزلا أعنقت فيه الجنوب على * رسم محيل وشعب غير ملتئم عهدي بمغناك حسان المعالم من * حسانة الجيد والبردين والعنم بيضاء كان لها من غيرنا * حرم فلم نكن نستحل الصيد في الحرم كانت لنا صنما نحنو عليه ولم * نسجد كما سجد الأفشين للصنم ظبي تقنصته لما نصبت له * في آخر الليل إشراكا من الحلم اليوم يسليك عن طيف ألم وعن * بلى الرسوم بلاء الاينق الرسم إذا بلغن أبا كلثوم اتصلت * تلك المنى وبلغن الحاج من أمم بنى به الله في بدو وفي حضر * لتغلب سور عز غير منهدم رأته في المهد عتاب فقال لها * ذوو الفراسة هذا صفوة الكرم خذوا هنيئا مريئا يا بني جشم * منه أمانين من خوف ومن عدم طعان عمرو بن كلثوم ونائله * ان السيور التي قدت من الأدم مجد رعى تلعات الدهر وهو فتى * حتى غدا الدهر يمشي مشية الهرم بناء باس وجود صادق ومتى * تبنى العلى من سوى هذين تنهدم اصفوا ملوك بني العباس كلهم * نصيحة ذخروها عن بني الحكم وقال يمدح مالك بن طوق حين عزل عن الجزيرة من قصيدة.
تلك الجزيرة مذ تحمل مالك * أضحت وباب الغيث منها مبهم وعلت قراها غبرة ولقد ترى * في ظله وكأنما هي أنجم الجو أكلف والجناب لفقده * محل وذاك الشق شق مظلم اقوت فلم أذكر بها لما خلت * الا منى لما تقضى الموسم إذ في ديار ربيعة المطر الحيا * وعلى نصيبين الطريق الأعظم ذل الحمى مذ أوطئت تلك الربى * والغاب مذ أخلاه ذاك الضيغم لا تألف الفحشاء برديه ولا * يسري اليه مع الظلام المأثم متبذل في القوم وهو مبجل * متواضع في الحي وهو معظم حسد العشيرة للعشيرة قرحة * تلدت وسائلها وجرح أقدم تلكم قريش لم تكن آراؤها * تهفو ولا أحلامها تتقسم حتى إذا بعث النبي محمد * فيهم غدت شحناؤهم تتضرم