قال وقد وصف خلعة أخرى أحسن من هذا الوصف وجوده اه وتأتي في أخباره مع محمد بن الهيثم وفي أخبار أبي تمام للصولي: حدثني عبد الرحمن بن أحمد قال وجدت بخط محمد بن يزيد المبرد أن أبا تمام كتب إلى الحسن بن وهب يستسقيه نبيذا.
جعلت فداك عبد الله عندي * بعقب الهجر منه والبعاد له لمة (1) من الكتاب (2) بيض * قضوا حق الزيارة (3) والوداد واحسب يومهم إن لم تجدهم * مصادف دعوة منهم جماد دعوتهم عليك وكنت ممن * نعينه على العقد الجياد (4) وفي مروج الذهب: ذكر عبد الله بن الحسن بن سعدان عن المبرد قال كنت في مجلس القاضي أبي إسحاق إسماعيل بن إسحاق وحضر جماعة سماهم منهم الحارثي الذي قال فيه علي بن الجهم الشامي:
لم يطلعا إلا لآبدة * الحارثي وكوكب الذنب وإن الكلام تسلسل إلى ذكر أبي تمام وشعره وإن الحارثي أنشد لأبي تمام معاتبة أحسن فيها وأن المبرد استحيا أن يستعيد الحارثي الشعر أو يكتبه منه لأجل القاضي قال ابن سعدان فأعلمت المبرد أني أحفظ الشعر فأنشدته إياه فاستحسنه واستعاده مني مرارا حتى حفظه مني وهو (جعلت فداك عبد الله عندي) وذكر الأبيات عدى الثالث. وفي أخبار أبي تمام للصولي:
زعم ابن داود أن محمد بن الحسين حدثه قال زار الحسن بن وهب وأبو تمام أبا نهشل بن حميد (الطوسي) فقال أبو تمام وقد جلسوا (أعضك الله أبا نهشل) ثم قال للحسن أجز فقال بخد ريم شادن أكحل ثم قال لأبي نهشل أجز فقال:
يطمع في الوصل فان رمته * صار مع العيوق في منزل وفي هبة الأيام كان الحسن بن وهب يعاشر أبا تمام عشرة متصلة فندب الحسن بن وهب للنظر في بعض أمر النواحي فتشاغل عن عشرة أبي تمام فكتب إليه أبو تمام:
قالوا جفاك فلا عهد ولا خبر * ما ذا تراه دهاه قلت أيلول شهر كأن حبال الهجر منه فلا * عقد من الوصل إلا وهو محلول فأجابه الحسن بن وهب:
ما عاقني عنك أيلول بلذته * وطيبه ولنعم الشهر أيلول لكن توقع وشك البين عن بلد * تحله فوكاء الدمع محلول وفي العقد الفريد أهدى حبيب بن أوس الطائي إلى الحسن بن وهب قلما وكتب معه إليه هذه الأبيات:
قد بعثنا إليك أكرمك الله * بشئ فكن له ذا قبول لا تقسه إلى ندى كفك الغمر * ولا نيلك الكثير الجزيل فاستجز قلة الهدية مني * فقليل المقل غير قليل وقال أبو تمام يمدح الحسن بن وهب ويصف غلاما أهداه إليه من قصيدة:
لمكاسر (5) الحسن بن وهب أطيب * وأمر في حنك الحسود وأعذب يفديه قوم أحضرت اعراضهم * سوء المعائب والنوال مغيب من كل مهراق الحياء كأنما * غطى غديري وجنتيه الطحلب ضم الفتاء إلى الفتوة برده * وسقاه وسمي الشباب الصيب ولقد رأيتك والكلام لآلئ * تؤم فبكر في النظام وثيب تكسو الوقار وتستخف موقرا * طورا وتبكي السامعين وتطرب ومنها في وصف الغلام المهدي:
لدن البنان له لسان أعجم * خرس معانيه ووجه معرب وقال يمدح الحسن بن وهب أيضا من قصيدة:
أما وقد ألحقتني بالموكب * ومددت من ضبعي إليك ومنكبي فلأعرضن عن الخطوب وجورها * ولأصفحن عن الزمان المذنب ولألبسنك كل بيت معلم * يسدى ويلحم بالثناء المعجب من بزة المدح الذي مشهوره * متمكن في كل قلب قلب نوار أهل المشرق الغض الذي * يجنونه ريحان أهل المغرب أبديت لي عن صفحة الماء الذي * قد كنت أعهده كثير الطحلب وبرقت لي برق اليقين وطالما * أمسيت مرتقبا لبرق الخلب والحر يسلبه جميل عزائه * ضيق المحل فكيف ضيق المذهب هيهات يأبى أن يضل بي السرى * في بلدة وسناك فيها كوكبي ولقد خشيت بأن تكون غنيمتي * حر الزمان بها وبرد المطلب ولذاك كانوا لا يخشون الوغى * الا إذا عرفوا طريق المهرب وقال يمدح الحسن بن وهب أيضا من قصيدة:
يا برق طالع منزلا بالأبرق * وأحد السحاب له حداء الأينق دمن لوت عزم الفؤاد ومزقت * فيها دموع العين كل ممزق قال في مديحها:
يحصى مع الأنواء فيض بنانه * ويعد من حسنات أهل المشرق يستنزل الأمل البعيد ببشره * بشرى الخميلة بالربيع المغدق وكذا السحائب قلما تدعو إلى * معروفها الرواد ان لم تبرق وفي آخرها شفاعته إليه فيمن اسمه سليمان ولعله سليمان بن رزين الذي شفع له عنده في قصيدة أخرى تأني ولعله عم دعبل وليس هو سليمان أخاه قطعا لدلالتها على أن الشفاعة في رجل مملق رث اللباس وأخوه لم يكن كذلك ولا يقال فيه البس سليمان الغنى وتكون الشفاعة له بألفاظ غير هذه الألفاظ وبأسلوب غير هذا الأسلوب.
البس سليمان الغنى وافتح له * بابا إزاء الخفض ليس بمغلق وأقرب اليه فان أحرى المزن ان * يروي الثرى ما كان غير محلق ثم ذكر أنه لا ينبغي ازدراء الرث الهيئة ولا الاغترار بصاحب البزة الأنيقة والمركب الفاره فقال:
وتخط بزته فربت خلة * في درج ثوب اللابس المتنوق شنعاء بين المركب الهملاج قد * كمنت وبين الطليسان المطبق ومن مدائح أبي تمام في الحسن بن وهب قوله من قصيدة وجه بها إليه من الموصل: