عياش بن لهيعة الحضرمي اشتباه فقد صرح فيها بأنها في أبي المغيث قال:
وثناياك أنها إغريض (1) * ولآل تؤم وبرق وميض وأقاح منور في بطاح * هزه في الصباح روض أريض وارتكاض الكرى بعينيك في النوم * فنونا وما لعيني غموض لتكادنني غمار من الأحادث * لم أدر أيهن أخوض أثارتني الأيام بالنظر الشزر * وكانت وطرفها لي غضيض كيف يمسي برأس علياء مضح * وجناح السمو منه مهيض همة تنطح النجوم وجد * آلف للحضيض فهو حضيض وبساط كأنما الآل فيه * وعليه سحق الملاء الرحيض (2) قد فضضنا من بيده خاتم الخوف * وما كل خاتم مفضوض بالمهارى يجلن فيه وقد جالت * على مسنماتهن الغروض جازعات سود المرورات تهديها * وجوه لمكرماتك بيض لن يهز التصريح للمجد والسؤدد * من لم يهزه التعريض كن مآبا أبا المغيث فما زلت * مآبا يأوي إليك الجريض كل يوم نوع يقفيه نوع * وعروض تتلوه فيك عروض وقواف قد ضج منها لما استعمل * فيها المرفوع والمخفوض المديح الجزيل والشكر والصدق * ومر العتاب والتحريض وحياة القريض أحياؤك الجود * فإن مات الجود مات القريض كن طويل الندى عريضا فقد سار * ثنائي فيك الطويل العريض إنما صارت البحار بحارا * انها كلما استفيضت تفيض يا محب الاحسان في زمن أصبح * فيه الاحسان وهو بغيض قل لعا لابن عثرة ماله منها * بشئ سوى نداك نهوض لا تكن لي ولن تكون كقوم * عودهم حين يعجمون رضيض عندهم محضر من البشر مبسوط * لعاف ونائل مقبوض وأقل الأشياء محصول نفع * صحة القول والفعال مريض وقال يعاتبه في ضنه عليه بحاجة ويحوم حول هجوه اني لأستحيي يقيني أن يرى * لشكي في شئ عليه دليل وما زال لي علم إذا ما نصصته * كثير بأن الظرف فيك قليل وإن يك عدا عن سواك إليك بي * رحيل فلى في الأرض عنك رحيل أبى الحزم لي مكثا بدار مضيعة * وعيس أبوها شدقم وجديل أبعد التي ما بعدها متلوم * عليك لحر قلت أنت عجول سأقطع أرسان العتاب بمنطق * قصير عناء الفكر فيه طويل وإن امر أضننت يداه على امرئ * بنيل يد من غيره لبخيل فلما لم تند صفاة أبي المغيث بعد كل هذا العتاب هجاه أبو تمام عدة أهاج فمن هجائه فيه قوله من أبيات:
غاب الهجاء فآب فيك بديعه * فتهن يا موسى قدوم الغائب لا تكلفن وأرض وجهك صخرة * في غير منفعة مؤونة حاجب خذ من غدي الجائي بخزيك ضعف ما أعطيتني في صدر املي الذاهب فلا تحفن الركب فيك بشرد * انس يقمن مقام زاد الراكب وقوله من أبيات:
هب من له شئ يريد حجابه * ما بال لا شئ عليه حجاب ما ان سمعت ولا أراني سامعا * ابدا بصحراء عليها باب من كان مفقود الحياء فوجهه * من غير بواب له بواب وقوله من أبيات:
يا حرونا في البخل قد وأبي * بخلك عوقبت بالأصم الجموح ببعيد المدى قريب المعاني * وثقيل الحجى خفيف الروح سجرت كفه بحور القوافي * لك عند التعريض والتصريح لججا لست سالما من تقاليها * ولو كنت في سفينة نوح وقوله ولا يوجد في ديوانه أمويس قل لي أين أنت من الورى * لا أنت معلوم ولا مجهول أما الهجاء فدق عرضك دونه * والمدح فيك كما علمت جليل فاذهب فأنت طليق عرضك إنه * عرض عززت به وأنت ذليل قال البديعي والبيتان الأخيران ينسبان لغير أبي تمام وقال فبلغ أبا المغيث شئ من هذه الأهاجي فاعتذر اليه أبو تمام بالقصيدة الآتية وتبرأ من هجوه (أقول) وكيف يرجو بره بعدما هجاه فيعتذر اليه وقد منعه بره قبل أن يهجوه فكيف بعد هجوه الا أن يكون أبو تمام ظن أنه بعد الهجو يخاف من الزيادة فيجود فلذلك اعتذر اليه ومدحه فقال من قصيدة:
شهدت لقد أقوت مغانيكم بعدي * ومحت كما محت وشائع من برد وأنجدتم من بعد اتهام داركم * فيا دمع أنجدني على ساكني نجد لعمري لقد أخلقتم جدة البكا * علي وجددتم به خلق الوجد ومن زفرة تعطي الصبابة حقها * وتوري زناد الشوق تحت الحشى الصلد ومن كل غيداء التثني كأنما * اتتك بليتيها من الرشأ الفرد كأن عليها كل عقد ملاحة * وحسنا وإن أمست وأضحت بلا عقد ومن فاحم جعد ومن قمر سعد * ومن كفل نهد ومن نائل ثمد سأجهد نفسي والمطايا فإنني * أرى العفو لا يمتاح الا من الجهد سرين بنا رهوا ووخدا وإنما * يبيت ويمسي النجح في ذمة الوخد قواصد بالسير الحثيث إلى أبي * المغيث فما تنفك ترقل أو تخدي إلى مشرق الأخلاق للجود ما حوى * ويحوي وما يخفي من الأمر أو يبدي إذا وعد انهلت يداه فأهدتا * لك النجح محمولا على كاهل الوعد دلو حان تفتر المكارم عنهما * كما الغيث مفتر عن البرق والرعد سرت تحمل العتبى إلى العتب والرضى * إلى السخط والعفو المبين إلى الحقد أموسى بن إبراهيم دعوة خامس * به ظمأ التثريب لا ظمأ الورد جليد على ريب الخطوب وعتبها * وليس على عتب الأخلاء بالجلد أتاني مع الركبان ظن ظننته * لففت له رأسي حياء من المجد لقد نكب الغدر الوفاء بساحتي * إذا وسرحت الذم في مسرج الحمد وهتكت بالقول الخنا حرمة العلى * وأسلكت حر الشعر في مسلك العبد نسيت إذا كم من يدلك شاكلت * يد القرب أعدت مستهاما على البعد ومن زمن ألبستنيه كأنه * إذا ذكرت أيامه زمن الورد وانك أحكمت الذي بين فكرتي * وبين القوافي من ذمام ومن عقد واصلت شعري فاعتلى رونق الضحى * ولولاك لم يظهر زمانا من الغمد فكيف وما أخللت بعدك بالحجى * وأنت فلم تخلل بمكرمة بعدي أسربل هجر القول من لو هجوته * إذا لهجاني عنه معروفه عندي