بعلبك: دانت بعلبك وقراها لحكم الامراء بني الحرفوش وهم عائلة من الشيعة كانوا من الباس والسطوة والفروسية في مكان عظيم (انتهى) وكانت الاخلاق العربية من الشهامة والغيرة والشجاعة والكرم متجلية فيهم وحدثني بعض المطلعين في بعلبك ان الأمير يونس الحرفوشي كان إذا ذهب حرمه للحمام اقفل السوق وتعطل الطريق من المارة وأكرموا السادات والعلماء وحموا النزلاء وبنوا المساجد وقاوموا الحكام وقاموا بحق الامارة بكل معنى الكلمة وقد جهل كثير من اخبارهم وعرف جملة منها مما وجد في المجاميع وبعض كتب التاريخ المطبوعة ككتاب تاريخ الأمير حيدر الشهابي وغيره ومن بعض ما مدحوا به من الاشعار وقد ذكرنا طرفا من مجمل اخبارهم في ج 5 ومما قيل فيهم عموما قول السيد محمد الحسيني البعلي كما في بعض المجاميع الموجودة بخطه عند أحفاده بمدينة بعلبك فمنها قوله:
ان الأكارم آل حرفوش لهم * خطر تقاصر دونه الاخطار وهم المناصب (1) حين تنسبهم وهم * عين الوجود وغيثه المدرار وهم ذوو الأصل الكريم كما اتى * النقل الصحيح وجاءت الاخبار قوم لهم نصر النبي محمد * فهم لدين محمد أنصار وهم الأسود الضاريات إذا الوغى * شبت وفر الفارس المغوار لا عيب فيهم غير أن نزيلهم * عنه الأكف من الملوك قصار كم من وزير ذاق طعم سيوفهم * فلوى ومنهم (احمد الجزار) امراء آل حرفوش أول من عرف منهم علاء الدين الحرفوشي الذي ذكر صالح بن يحيى مؤرخ بيروت ان الملك الظاهر برقوق استعان به على تركمان كسروان وانه قتل 1393 م 729 ه ومنهم الأمير موسى بن علي كان شاعرا والأمير يونس الأول وأولاده الأمراء أحمد وحسين وعلي ومحمد والأمراء شلهوب وعمر وشديد ويونس الثاني وإسماعيل وحيدر وحسين ومصطفى ودرويش بن حيدر وجهجاه بن مصطفى وقاسم بن حيدر وداود وسلطان بن مصطفى وأمين بن مصطفى ونصوح بن جهجاه وسلمان وجواد بن سلمان وقبلان بن أمين وحسين بن قبلان ومحمد وعساف وعيسى وسعدون وحمد ويوسف بن حمد وخنجر بن حمد وسلمان بن حمد وبشير وفدعم وخليل وفاعور وسليمان ومحمود ومنصور وأسعد وفارس وتامر وغيرهم وتأتي تراجمهم في محالها. ومنهم من العلماء الشيخ إبراهيم بن محمد الحرفوشي المعروف بالحريري المار ترجمته في ج 5.
والمترجم له ولي امارة بعلبك بعد الأمير امين بن مصطفى الحرفوشي وكان شجاعا أبيا كسائر عشيرته. في تاريخ بعلبك: ان سلفه الأمير أمين كان مواليا للدولة العثمانية منحرفا عن المصريين فحقد عليه إبراهيم باشا المصري فحضر إبراهيم بعساكره إلى بعلبك سنة 1248 ه 1831 م فملكها دون أدنى مقاومة وهرب منها الأمير أمين فولى عليها إبراهيم باشا الأمير جواد الحرفوشي ثم عزله وعين عوضه أحمد آغا الدزدار فكان ذلك سبب عصيانه على الدولة المصرية فاخذ يحرك الفتن عليها ويجول من مكان إلى مكان إلى أن أدركه يوما بقرب يبرود مائتا فارس من الأكراد أرسلهم عليه شريف باشا حاكم دمشق من قبل إبراهيم باشا وكان مع الأمير جواد أبناء عمه الأمراء محمد وعساف وعيسى وسعدون وثلاثون فارسا فهجم بعضهم على بعض وحمي وطيس الوغى وأتى الأمراء الحرافشة من ضروب الفروسية ما هو جدير بهم فارتد الأكراد وقتل أحد أمرائهم عجاج آغا وذهب بعد ذلك الأمير جواد إلى بلاد حمص وقد تفرقت عنه أصحابه وبينما كان في محل يدعى الحريشة دهمته كتيبة من الهنادي تريد القبض عليه فملكت عليه جسر التل المنصوب على العاصي الذي لا بد له من المرور عليه للتخلص منهم فهجم عليهم هجمة قسورية ففرق جمعهم بحد الحسام وأفلت منهم بعد ان قتل بضعة فرسان ولما رأى أن العصيان لا يجديه نفعا استأمن إلى الأمير بشير الشهابي وطلب منه ان يأخذ له الأمان من إبراهيم باشا ولكن الأمير بشير كان يكرهه فخانه (وبئس السجية الخيانة) وسلمه إلى شريف باشا حاكم دمشق فقتله شر قتلة ثم عزل أحمد آغا الدزدار وعين عوضه خليل آغا وردة ثم الأمير احمد الحرفوش. وذكر هذه الحادثة بعض كتاب المسيحيين في حكومة الشام المجهول الاسم بوجه أبسط وبما يخالف ما مر من بعض الوجوه فقال في المذاكرات التاريخية لحوادث الشام المطبوعة ان إبراهيم باشا لما فتح الشام أقام الأمير جوادا المترجم متسلما (حاكما) على بعلبك وكان فيه هوج وحدة فلم يتفق هو وزراع الدروز من لبنان فعزل من المتسلمية ونصب مكانه ابن عمه الأمير حمد وكان حمد ذا عقل رصين وإدارة في الحكم حسنة. وسكن الأمير جواد في يبرود وجعل له إبراهيم باشا في كل شهر 1150 قرشا يقبضها وهو في بيته وذلك لقلة ذات يده وكونه من أشراف الناس وبعد ذلك صدر أمر بتوقيف صرفيات الكتاب والمتسلمين والنظار لحصول الحرب مع السلطان وكثرة النفقات على خزانة الباشا فبقيت الصرفيات موقوفة ثمانية أشهر ولما كان الأمير جواد جوادا كاسمه وقلت ذات يده جمع اليه جماعة وحرك معه أولاد عمه الأمير خنجر والأمير محمد وصار يقطع الطريق وصارت له شهرة عظيمة وهابه الناس ثم ارسل كتابا إلى رجل اسمه عبد القادر آغا خطاب بان يأخذ له مرسوم الأمان من الوزير شريف باشا حاكم دمشق من قبل إبراهيم باشا فاخذ له ذلك المرسوم ثم كاتب الأمير جواد الأمير خليل الشهابي ان يحضر إلى دمر ليدخل معه لمواجهة الوزير فدخل دمشق وواجه الوزير شريف باشا وبقي في دمشق أياما وجعل يعين عنده خيالة وطلب شريف باشا إلى إبراهيم باشا ان يجعله (سرسواري) رئيس خيالة فحضر أحمد آغا اليوسف وشمدين آغا إلى عند شريف باشا وذكرا له ان الأمير جواد كان أيام عصيانه قد قتل كرديا تاجر غنم بينه وبينهما نسابة وأخذ منه دفتره وجملة دراهم وانهما يريدان منه تسليم الدفتر فأجاب الأمير خنجر بأنه لم يقتل الكردي وانما قتله جماعة من بيت نون ولا يعرف لهم الآن مقرا وطلب مهلة ليفتش عنهم ويأخذ منهم الدفتر فلم يقبل ذلك منه شريف باشا وشدد عليه قليلا لكونه أبي النفس شجاعا ركب وخرج خارج البلد وبعث إلى أحمد آغا اليوسف انه إذا كان له عنده حق فليخرج اليه ليتحاسبا على ذلك الحق وكان بين أكراد الصالحية رجل يسمى عجاج آغا وهو متسلم جبل دروز حوران وهو من الرجال المشهود لهم بالفروسية فاستأذن الوزير وأخذ رجاله وتوجه إلى ناحية النبك فبلغه ان الأمير جوادا في دير عطية فلما بلغ الأمير جوادا حضوره ركب وخرج من القرية وصار الحرب بينهم وقتل عجاج آغا وجرح الأمير جواد واشتد خوف الأمير جواد لكون احمد آغا يخص الأمير بشير فتوجه الأمير جواد إلى عند بشير فقبل وصوله أرسل الأمير بشير جماعة فكمنوا له عند جسر القاضي وقبضوا عليه وأحضروه إلى الشام فامر شريف باشا بقتله فقتل (انتهى) وهكذا تكون