يحق لها ان تدفع الشر المحدق بالبلاد، وتحفظ حوزة الدين، وتصون بيضة الاسلام، فالكل منك وبك واليك، وأنت المسؤول عن الكل عند الله وعند الناس.
ثم أقول إن العلماء والصلحاء في دفاعهم فرادى عن الدين وحوزته قد قاسوا من ذلك... شدائد ما سبق لها منذ قرون مثيل وتحملوا لصيانة بلاد المسلمين عن الضياع وحفظ حقوقهم عن التلف كل هوان وكل صغار وكل فضيحة! ولا شك ان حبر الأمة قد سمع ما فعله أدلاء الكفر وأعوان الشرك بالعالم الفاضل الصالح الواعظ الحاج ملا فيض الله الدربندي، وستستمع قريبا ما فعله الطغاة الجفاة بالعالم المجتهد التقي البار الحاج السيد علي أكبر الشيرازي، وستحيط علما بما فعله بحماة الملة والأمة من قتل وكي وضرب وحبس ومن جملتهم الشاب الصالح الميرزا محمد رضا الكرماني الذي قتله ذلك... في الحبس، والفاضل الكامل البار الحاج سياح، والفاضل الأديب النيجب الميرزا محمد علي خان، والفاضل المتفنن اعتماد السلطنة وغيرهم.
وأما قصتي وما فعله ذلك... الظلوم معي، فمما يفتت أكباد أهل الأيمان ويقطع قلوب ذوي الايقان، ويقضي بالدهشة على أهل الكفر وعبدة الأوثان، ان ذلك اللئيم امر بسحبي وانا متحصن بحضرة عبد العظيم عليه السلام في شدة المرض على الثلج إلى دار الحكومة بهوان وصغار وفضيحة لا يمكن ان يتصور مثلها في الشناعة، هذا كله بعد النهب والغارة، إنا لله وإنا إليه راجعون ثم حملتني زبانيته الأوغاد وانا مريض على برذون مسلسلا في فصل الشتاء وتراكم الثلوج والرياح الزمهريرية، وساقتني جحفلة من الفرسان إلى خانقين، وصحبني جمع من الشرطة إلى بغداد، ولقد كاتب الوالي من قبل والتمس منه ان يبعدني إلى البصرة علما منه انه لو تركني ونفسي لاتيتك أيها الحبر وبثثت لك شأنه وشأن الأمة وشرحت لك ما حاق ببلاد الاسلام من شر هذا... ودعوتك أيها الحجة إلى عون الدين، وحملتك على إغاثة المسلمين وكان على يقين اني لو اجتمعت بك لا يمكنه ان يبقى على دست وزارته المؤسسة على خراب البلاد، وإهلاك العباد، واعلاء كلمة الكفر، ومما زاده لؤما على لؤمه ودناءة على دناءته انه دفعا لثرثرة العامة وتسكينا لهياج الناس نسب تلك العصابة التي ساقتها غيرة الدين وحمية الوطن إلى المدافعة عن حوزة الاسلام، وحقوق الأهالي بقدر الطاقة والإمكان إلى الطائفة البابية كما أشاع بين الناس أولا قطع الله لسانه اني كنت غير مختون، وا اسلاماه! ما هذا الضعف، ما هذا الوهن؟ كيف أمكن ان صعلوكا دنئ النسب، ووغدا خسيس الحسب، قدر ان يبيع المسلمين وبلادهم بثمن بخس دراهم معدودة، ويزدري العلماء ويهين السلالة المصطفوية ويبهت السادة المرتضوية البهتان العظيم، ولا يد قادرة تستأصل هذا الجذر الخبيث، شفاء لقلوب المؤمنين، وانتقاما لآل سيد المرسلين عليه السلام، ثم لما رأيت نفسي بعيدا عن تلك الحضرة أمسكت عن بث الشكوى، ولما قدم العالم المجتهد القدو الحاج السيد علي أكبر إلى البصرة طلب مني ان اكتب إلى الحبر الأعظم كتابا أبث فيه هذه الغوائل والحوادث والكوارث، فبادارت اليه امتثالا وعلمت ان الله تعالى سيحدث بيدك امرا، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
السيد الحسيني ويقول الأمير شكيب في تعليقه على حاضر العالم الاسلامي فكان هذا النداء من أعظم أسباب الفتوى التي أفتاها ذلك الامام ببطلان هذا الامتياز، واضطرت الحكومة الفارسية خوف انتقاض العامة إلى الغائه اه.
ولكن الحقيقة ان الميرزا الشيرازي أفتى بتحريم تدخين التنباك حينما بلغه اعطاء الامتياز إلى الدولة البريطانية قبل ان يرسل له السيد جمال الدين هذا الكتاب ولم يكن افتاؤه بتأثير كتاب جمال الدين، ولو لم يكن له مؤثر ديني من نفسه عظيم لم يؤثر فيه كتاب جمال الدين، ولكن الناس اعتادوا إذا مالوا إلى شخص ان يسندوا كل وقائع العالم اليه.
وجاء في بعض أسفاره إلى البحرين ولعله ذهب إليها من البصرة فنزل في دار بعض تجارها وذهب إلى الشيخ عيسى بن علي آل خليفة أمير البحرين ثم عاد من مجلسه وسافر بعد يومين. وكان يذم الشيخ ويتأسف على رئاسة أمثاله على المسلمين. (قال) الأمير شكيب وكان السلطان عبد الحميد قد دعا السيد جمال الدين إلى الآستانة وذلك في سنة 1892 فجاءها وكانت هذه المرة الثانية لدخوله هذه العاصمة. إذ كان قد عرف الآستانة مرة قبلها في زمن السلطان عبد العزيز اه (أقول) ان صح انه دخل الآستانة مرة قبلها في زمن عبد العزيز كانت هذه المرة الثالثة لدخوله إياها فإنه قد دخلها في زمن عبد الحميد مرتين يقينا ففي المرة الأولى جاءها من الهند فأقام بها بين سنة ونصف وسنتين والمرة الثانية دخلها بعد رجوعه من مصر إلى إيران ونفي ناصر الدين له سنة 1308 واستدعاء عبد الحميد له ربما كان في المرة الثانية قال: ولما ورد السيد جمال الدين الآستانة أنزله السلطان منزلا كريما في دار ضيافة خصه بها في نشاش طاش، وأجرى عليه الأرزاق الوافرة، وكان يدخل على السلطان ويصلي صلاة الجمعة معه.
وقال: ومضت مدة وجمال الدين حظي عند السلطان عبد الحميد وكان الجو لم يصف بينه وبين الشيخ أبي الهدى الصيادي فأنشأ ذلك اجل القصص والوشايات بحقه إلى السلطان ولكن السلطان بحسب قول جمال الدين - لم يحفل بهذه الوشاية. وهذا الخلاف مع أبي الهدى لم يزعزع مكانة جمال الدين من السلطان وربما زاد لديه زلفى، وانما أدى إلى وحشة السلطان منه استمراره في مجالسه التي كانت تنتابها الناس دائما على القدح في شاه العجم فحمل ذلك سفير إيران على رفع الشكوى إلى السلطان فاستدعى السلطان اليه جمال الدين وقال له ان السفير سألني ان أتكلم معك في الكف عن الوقيعة في الشاه وانا بناء على املي فيك وعدته بأنك تكف عنه، قال شكيب: وقد روى لي السيد هذه القصة عندما رجعت من أوروبا إلى الآستانة في أواخر سنة 1892 فقال لي هكذا بالحرف: (فقلت للسلطان ما كنت ناويا ان اترك شاه العجم حتى أنزله في قبره، ولكن بعد ان امر أمير المؤمنين بالكف عنه فلا بد من طاعته).
ثم ذكر الأمير شكيب ان رجلا إيرانيا بأبي المذهب اسمه آقا رضا خان وجد مع جمال الدين في حبس قزوين وتأكدت بينهما المودة فبعد مجئ جمال الدين إلى الآستانة زاره هذا الرجل فيها وان جمال الدين حمله على قتل الشاه فذهب فقتله وقال له ما ترجمته: خذها من يد جمال الدين، فسر جمال الدين لقتل الشاه في كلام طويل هذا حاصله، فغضب السلطان عبد الحميد غضبا شديدا لقتل الشاه وشدد المراقبة على المترجم، فأرسل إلى