فمالي والدنيا ينال بها الغنى * دني وكدحي عندها غير رابح وينعم فيها كل أرعن جاهل * وأمنع منها بعد طي الصحاصح تمر الليالي ليس أمري بنافذ * ولا مطلبي يوما لديها بناجح ولا زمني عز ولا العيش لي به * أنيق ولا ما أرتجيه بصالح ولم أر من صحبي بها غير حاسد * ولم ألف لي من خلتي غير كاشح سأمضي وما بالموت عار على الفتى * إذا جد في نيل العلا والمدائح واقتادها ظماى النفوس إلى العلا * على سابح بحر الوغى اثر سابح فلا رمت أسباب المعالي ولا رقا * بي الشرف الأقصى على كل طامح إذا لم أقف مرمى الأسنة مثلما * غدا ابن علي بين بيض الصفائح يصول بعزم ما الحسام ببالغ * مداه ولا سمر القنا بملامح وأبيض مثل البرق لو شاهد الردى * لارداه واجتاحته أيدي الجوائح وقوله من أخرى:
سل عن أهيل الحي سكان النقى * أمغربا قد يمموا أم مشرقا يقدح زند الشوق في قلبي إذا * ذكرت في زرود ما قد سبقا ما أومض البرق بأكناف الحمى * بأرضهم الا وقلبي خفقا ولا انبرت ريح الصبا من نحوهم * الا شممت من شذاها عبقا من ناشد لي بالركاب مهجة * قد تبعث يوم الرحيل الاينقا أبقيتم مضناكم لا يرتجى * له الشفا ولا تسليه الرقا لو يحمد الدمع على غير بني * أحمد منه الدمع حزنا مارقا الباذلين في الاله أنفسا * لأجلها ما في الوجود خلقا إذا ذكرت كرب يوم كربلا * تكاد نفسي حزنا أن تزهقا جل فهان كل رزء بعده * يأتي وأنسى كل رزء سبقا ما سئموا ورد الردى ولا اتقوا * بأس العدا ولا تولوا فرقا غص بهم فم الردى من بعدما * كان بهم وجه الزمان مشرقا وله في رثاء الحسين (عليه السلام). بكر الخليط عن الديار فودعا * ودعا به داعي الفراق فاسرعا سرعان ما هجروا فؤادك بغتة * واستبدلوا بعراص أرضك أربعا فأرسل فؤادك بالبكا أو فاستعر * ببكاء أيام الأحبة أدمعا أعلمتما من قد رمى سهم القضا * فدعته أرواح الخلائق مذنعى خير الورى شرفا وأكرم سيد * كأس الردى يوم الطفوف تجرعا فهوى بمستن النزال على الثرى * ظام وغلة صدره لم تنقعا بأبي سراة بني لؤي أقدموا * لا يطلبون عن المنية مدفعا والصبح مختبط الجوانب مظلم * والنقع يمنع شمسه ان تطلعا فجلا ظلام دجى القتام بأوجه * في الحرب تحسبها بدورا طلعا وسرى بعزم لو يصادف وقعه * جبلا لأصبح خاشعا متصدعا حتى إذا شاء الاله لقاءه * وافاه داعيه فلبى مسرعا يا مدرك الأوتار طال بك المدى * فالأم نبقى في انتظارك خشعا أترك رقاب القوم نهبا للظبا * حتى تعود الأرض منهم بلقعا وأرسل اليه خاله الشيخ مهدي بن الشيخ علي بن الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء فروة فكتب اليه المترجم عن لسان الفروة:
يا أيها المولى الذي * فاق الأوائل والأواخر والعالم العلم الذي * لعلاه تنعقد الخناصر والجوهر الفرد الذي * من نيله يهب الجواهر رب الفضائل والفواضل * والمحامد والمفاخر كشاف كل عويصة * عنها يعود الفكر حاسر وابن الألى ورثوا الرياسة * كابرا من بعد كابر وبهم زهت بل أزهرت * للدين أعواد المنابر الضاربين رواق مكرمة * على العيوق زاهر والحافظين لشراع آل * محمد من كل فاجر ومؤسسين قواعدا * قد أظهروا فيها السرائر وممهدين شرائعا * كم وارد منها وصادر مولاي يا من فيض بحر * نواله للخلق وافر عطفا على من مزقت * كف الأسى منه الضمائر ما شاهدت من راحة * مذ خلطتها كف جازر وافتك ترجو عتقها * وأمنت من سطوات جائر فأرسل اليه خاله الشيخ مهدي عباءة عوض الفروة فكتب الميرزا جعفر اليه رسالة ينبؤه فيها بوصول العباءة وصدرها بهذه الأبيات:
انهي إلى المولى الذي * فاق الأواخر والأوائل رب المآثر والمفاخر * والفواضل والفضائل من قد أنار ظلام ليل * المشكلات من المسائل وأبان منهاج الهدى * بالواضحات من الدلائل جيد الزمان به تحلى * بعدما قد كان عاطل انه بينما أنا حبيس الهموم والأحزان إذ دخل علي غلام فرددت عليه بعد ما حياني بالسلام وقلت ما وراءك يا عصام فالقى بين يدي ثقلا وقال هذا ما أرسله إليك المولى ففتحته فإذا هو مشتمل على العبا فسكرت لورودها طربا حيث أزاحت عن فكري من المشكلات مسائل جمة فدلت على قدم العالم ورجحت القول بقيام الأعراض بالأعراض وأبانت عن بقاء الأرواح بعد فناء الأبدان وأرغمت انف القائل بتعلق الجعل بالماهية وأبطلت دعوى المدعي ان للأشياء اعمارا طبيعية وأيدت قول من يقول ببقاء الأكوان والغت دليل القائل باحتياج الباقي إلى المؤثر في أجزاء الزمان وسددت مذهب أهل التصوف القائلين بان وجود الممكنات وهم وأفسدت قول من يقول إن كل مرئي جسم أخبرتنا عن الأمم الماضية والقرون الخالية وحدثتنا عن يوم الطوفان وكيف اكلت الأرضة عصا سليمان وعلمتنا أسماء أهل الكهف لنجعلها في الرقى وروت لنا من اخبار كسروية ما لم يحط بعلمه أبو البقا فتأملتها مليا وسألتها عن نفسها سؤالا حفيا فأقسمت بمن انحل جسمها وأهرم شبابها وأعارها ضعف الهمة وتركها سدى بلا لحمة انها لم تزل تتنقل من مكان إلى مكان وفي زمان بعد زمان وشاهدت ما لم يشتمل عليه تاريخ ابن خلكان وأكل الدهر عليها وشرب حتى انتهت نوبتها إلى اخر خلانها الحاج ملا قلي فتجلببها في ليله ونهاره وصحبها معه على طول أسفاره فلما قرب منه الأجل وانقطع عنه الأمل أوصى بها إلى اولي الأرحام من قومه ان يجعلها في صلاته وصومه وحيث علم أولئك الأقوام ان ذمة الوصي لا تفرع الا بالدفع إلى نائب الامام بادروا بارسالها قبل التلف إلى أفضل علماء النجف قالت فلما وقعت بيده تحقق اني احدى العبر وان وجودي من أشراط الساعة والساعة أدهى وأمر فرام ان يلبسك خرقة التصوف ويريحك من المشقة والتكلف ويعلمك ان الزهد في هذه الدنيا الدنيا كالفرض ويكسر سورة النفس منك بلباس الخفض ويجعلك ترابي المزاج في جميع الأمور ويرفع عنك بهذه العلامة ما يزعمه الناس فيك من