وهذه الأرض لا راح ولا وتر * ولا نسيم ولا ماء ولا شجر ولا عطاء لفكر من روائعه * تجمل العيش فيه وازدهت صور فانسي الحس مأساة الوجود وما * قد يبتليه به في غفلة قدر وراح ينعم في أحلامه سحرا * ولا يخالجه من صحبه حذر لكنما وبلاء الناس أكثره * يأتي به منهم من طبعه الضرر من لا تطيب حياة قربه أبدا * ولا يدار له من فسقه دبر فافقه رغم نور الشمس في غسق * وماؤه دائما من خبثه عكر يا من إلى دوحة الأنباط قد نسبوا * يتهوا بمن شيد البتراء وافتخروا ما كان أجدادكم الا عباقرة * مدى الزمان شذا ذكراهم عطر في بلقع موحش لا الطير تعبره * ولا يمر به جن ولا بشر كم بالأزاميل من صرح لهم رفعوا * وفي حشا الصخر كم بئر لهم حفروا فكان ما كان من أعجوبة حدثت * فالقفر مخضوضر والعيش مزدهر وللمحبة في افيائهم عبق * وللعدالة عين دأبها السهر وللرجاء على درب الحياة سنا * فلا يتيه لهم في سعيهم نظر وما أظنك يوما كنت مقتنعا * بأن جدك فيما قد مضى مضر فأين أنت من الأفذاذ ان حضروا * وراح در من الأفواه ينتثر وقال قائلهم والتيه ينفخه * وشعلة المجد في عينيه تستعر (انا الذي نظر الأعمى إلى أدبي) * فلا عمى بعد في الدنيا ولا عور (والخيل والليل والبيداء تعرفني) * والسيف يشهد اني في الوغى نمر بالأمس كان بنو الاسبان لي خدما * والروم من حشمي والفرس والتتر واليوم سخر لي الأمريك أنفسهم * ورهن أمري صار الروس والمجر فمن هنا خبرة تأتي واعتدة * ومن هناك شهي القمح و (الدلر) كذا الخراج أعدت اليوم سيرته * والعلج عاد بأمري اليوم يأتمر لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم * انا الهزبر واشتات الورى بقر ويوم أبعث فالجنات لي سكن * والغير حتما ستشوي جلدهم صقر تلك الأصالة في الابداع ما برحت * وان تغير منها الشكل والأثر ان كان قد سقط الازميل من يدكم * وغاب عن عينكم في المقلع الحجر وغير الفكر مجراه فلا صعدا * قد ظل يسمو ولكن راح ينحدر إلى صعيد اليه سار قبلكم * قوم نزلتم عليهم طبعهم قذر فكان لا بد من ابراز فنكم * في جولة معهم فيما به اشتهروا وهل يهاب لذيذ النقر في جسد * من قاسي الصخر في ماضيهم نقروا وكنتم في انسجام مع أصالتكم * ففقتموهم وفي ميدانهم دحروا وقال جوابا على قصيدة جاءته من الشيخ محمد مزرعاني أرسلها من بلدته (حولا):
ذكرى تعاودني حينا فأبتسم * ويطرب القلب لا يأس ولا سأم وقد نعد نعيما غفوة سنحت * لمن تؤرقه الآلام والسقم وربما لذ في بيداء مظلمة * بصيص نور بأقصى الأفق يرتسم ذكراكم متعة فيها يطالعني * حفظ الذمام وجود الكف والشمم فتنجلي من أمامي كل شائبة * يمجها الذوق والأعراف والذمم واستريح إلى حين ويوقظني * على المرارة كف غادر وفم أعيذكم أن تكونوا كالذين مضوا * ولم يزل بيننا في السوء شبههم (قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم * قالوا لامهم من فرط شحهم بولي على النار في ضيق وفي وجل * كأن ريب المنايا دق بابهم فخيبت سؤلهم بخلا ببولتها * وغير بضع نقاط لم تبل لهم) (ومن تميم لهم في لؤمها سلف * وفي المكارم لا اسلاف عندهم) ما همهم أو عناهم غير أنفسهم * وليس يشغلهم ما فيه غيرهم فلا يهش لهم وجه لمغتبط * ولا ترق لذي بلوى قلوبهم ويغمضون على الأقذاء أعينهم * ان جاء من يشتري منهم ضميرهم كأنهم لم تكن يوما لهم نظم * ولم تنر مرة آفاقهم قيم ان يزعم البعض عن حقد وموجدة * بأنكم معشر صعب مراسهم وان طبعكم قاس وقسوته * كاللون والطعم في مغلي شايكم وانكم ما مشيتم مرة ابدا * الا وكان بعكس السير سيركم فلا اليسار يسار في يساركم * ولا اليمين يمين في يمينكم وانكم يوم حشر البعض في سقر * ستحشرون بها في القعر وحدكم وظن ذا البعض ان الدس ينجحهم * فيشمتون ولكن خاب ظنهم فكنتم قدوة في الانفتاح لهم * وصرتم قادة والتابعون هم وكم تبجح فيما قد مضى نفر * بأنهم خير خلق الله كلهم وإن انسانهم ما مثله أحد * وان أشرف حيوان بعيرهم وحقروا الغير من وحش ومن بشر * وبالخلائق طرا ساء قولهم وإذ بهم بعد حين يلجؤون إلى * من كان أبغض خصم في خصومهم فيصبح الدب خير الوحش قاطبة * ومقتنوه نجوما يهتدي بهم وليس ذلك عن درس وتوعية * لكن ذلك رغما عن أنوفهم فبعضهم لنكايات ببعضهم * وآخرون لكي تحشى جيوبهم ودبكم كم تجافوه وقد علموا * بأنه يعربي الأصل مثلهم ما لان يوما له عود لمغتصب * ولم تسر خلف دجال له قدم وقد نسوا وقفة منه مشرفة * في مهرجان أقاموه لبيكهم أدباب كل القرى من خوفها رقصت * الا الرفيق أبي الضيم دبكم فكان رمز التصدي والصمود لنا * من قبل أن تخلق الجبات والعمم (الخيل والليل والبيداء تعرفه * والسيف والرمح والقرطاس والقلم) فقدس الله حرشا ضم أضلعه * وعظم الله بالمرحوم أجركم وقال جوابا على قصيدة جاءته من الشيخ جعفر همدر:
يا شيخ جعفر آل همدر الذي * اشتهر اسمه بالعاملي اللبناني بعد السلام وبعد نفخك ساعة * أشكو إليك لواعج الأشجان وأقول من فرط التشوق والهوى * قد صرت أنحف من قضيب البان