القصيرة الغليظة هكذا في نسخة ابن خلكان المطبوعة ولكن في تذكرة الحفاظ ان حنزابة هي أم جعفر المترجم كانت أم ولد أبيه الفضل اه ولعل هذا هو الصواب فان ابن حنزابة لقب له لا لأبيه كما صرح به ابن الأثير نفسه في كلامه الآتي وغيره ومن ذلك قد يستظهر وقوع تحريف في عبارة ابن خلكان من النساخ وان أصلها وهي أم ولد أبيه أو نحو ذلك والله أعلم وهي أمة رومية.
(وبنو الفرات)، في الفخري: قال الصولي هم من صريفين من اعمال دجيل قال وبنو الفرات من اجل الناس فضلا وكرما ونبلا ووفاء ومروءة اه وكانوا شيعة وتقلد منهم الوزارة جماعة في العراق ومصر (فمنهم) أبو الحسن علي بن محمد بن موسى بن الحسن ابن الفرات وزر للمقتدر (وأبو الفضل أو أبو الخطاب جعفر بن محمد بن موسى جد المترجم وزر للمقتدر أيضا وقيل عرضت عليه الوزارة فأباها كما يأتي في ترجمته (وأبو الفتح) الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى وزر للمقتدر ثم للراضي (والمترجم) وزر لبني الإخشيد بمصر (وأبو العباس) أحمد بن محمد بن موسى كان من الكتاب، (والعباس) بن محمد بن موسى أخو علي وزير المقتدر كان كاتبا حاسبا متفوقا في ذلك.
أقوال العلماء فيه قال ابن الأثير في حوادث سنة 391 فيها توفي جعفر بن الفضل بن جعفر بن محمد بن الفرات المعروف بابن حنزابة الوزير ومولده سنة 308 وكان سار إلى مصر فولي وزارة كافور وروى حديثا كثيرا اه وقال ابن خلكان كان عالما محبا للعلماء وكان يملي الحديث بمصر وهو وزير وقصده الأفاضل من البلدان الشاسعة وبسببه سار الحافظ أبو الحسن علي المعروف بالدارقطني من العراق إلى الديار المصرية وكان يريد ان يصنف مسندا فلم يزل الدارقطني عنده حتى فرع من تأليفه قال وذكره الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق وقال كان كثير الاحسان إلى أهل الحرمين واشترى بالمدينة دارا وأوصى ان يدفن فيها وقرر ذلك مع الاشراف ولما مات حمل تابوته من مصر إلى الحرمين وخرجت الأشراف إلى لقائه وفاء بما أحسن إليهم فحجوا به وطافوا ووقفوا بعرفة ثم ردوه إلى المدينة ودفنوه بالدار المذكورة اه (أقول) لم يذكر ذلك في نسخة تاريخ ابن عساكر المطبوعة وهو يدل على نقصانها كما ذكرناه في جعدة بن هبيرة وغيره وذكره ابن شهرآشوب في المعالم فقال أبو الفضل جعفر بن الفرات المعروف بابن حنزابة له الغرر اه وفي تاريخ بغداد جعفر بن الفضل بن جعفر بن محمد بن الفرات أبو الفضل المعروف بابن حنزابة الوزير نزل مصر وتقلد الوزارة لأميرها كافور وكان أبوه وزير المقتدر بالله وكان يملي الحديث بمصر وبسببه خرج أبو الحسن الدارقطني إلى هناك فإنه كان يريد ان يصنف مسندا فخرج أبو الحسن اليه واقام عنده مدة يصنف له المسند وحصل له من جهته مال كثير وروى عنه الدارقطني في كتاب المدبج وغيره أحاديث اه وفي تذكرة الحفاظ: ابن حنزابة الوزير الكامل الحافظ المفيد أبو الفضل جعفر ابن الوزير الكبير أبي الفتح الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن حسن بن الفرات البغدادي نزيل مصر. وقال السلفي: كان من الحفاظ الثقات المحتجين بصحة الحديث مع جلالة ورياسة يملي ويروي في حال الوزارة، عندي من أماليه ومن كلامه على الحديث وحسن تصرفه الدال على حدة فهمه ووفور علمه وقد روى عنه حمزة الكتاني مع تقدمه.
أخباره قال ابن خلكان: كان وزير بني الأخشيد بمصر مدة امارة كافور ثم استقل كافور بملك مصر واستمر على وزارته ولما توفي كافور استقل بالوزارة وتدبير المملكة لأحمد بن علي بن الأخشيد بالديار المصرية والشامية وقبض على جماعة من أرباب الدولة بعد موت كافور وصادرهم وقبض على يعقوب بن كلس وزير العزيز العبيدي الآتي ذكره وصادره على أربعة آلاف دينار وخمسمائة واخذها منه ثم اخذه من يده أبو جعفر مسلم بن عبيد الله الشريف الحسيني واستتر عنده، ثم هرب مستترا إلى بلاد المغرب ولم يقدر ابن الفرات على رضا الكافورية والأخشيدية والأتراك والعساكر ولم تحمل اليه أموال الضمانات وطلبوا منه ما لا يقدر عليه واضطرب عليه الأمر فاستتر مرتين ونهبت دوره ودور بعض أصحابه ثم قدم إلى مصر أبو محمد الحسين بن عبيد الله بن طغج صاحب الرملة فقبض على الوزير المذكور وصادره وعذبه واستوزر عوضه كاتبه الحسن بن جابر الرياحي ثم اطلق الوزير جعفر بوساطة الشريف أبي جعفر الحسيني وسلم اليه الحسين امر مصر وسار عنها إلى الشام مستهل ربيع الآخر سنة 358 اه وقال أيضا:
ذكر الخطيب أبو زكريا التبريزي في شرحه ديوان المتنبي ان المتنبي لما قصد مصر ومدح كافورا مدح الوزير أبا الفضل المذكور بقصيدته الرائية التي أولها: (باد هواك صبرت أو لم تصبرا) وجعلها موسومة باسمه فتكون احدى القوافي جعفرا وكان قد نظم قوله في هذه القصيدة:
صغت السوار لأي كف بشرت * بابن الغميد واي عبد كبرا (بشرت بابن الفرات) فلما لم يرضه صرفها عنه ولم ينشده إياها فلما توجه إلى عضد الدولة قصد ارجان وبها أبو الفضل بن العميد وزير ركن الدولة بن بويه والد عضد الدولة فحول القصيدة اليه ومدحه بها وبغيرها وهي من غرر القصائد. وذكر الخطيب أيضا في الشرح المذكور ان قول المتنبي في القصيدة المقصورة التي يذكر فيها مسيره إلى الكوفة ويصف منزلا منزلا ويهجو كافورا:
وماذا بمصر من المضحكات * ولكنه ضحك كالبكا بها نبطي من أهل السواد * يدرس انساب أهل الفلا وأسود مشفره نصفه * يقال له أنت بدر الدجى وشعر مدحت به الكركدن * بين القريض وبين الرقى فما كان ذلك مدحا له * ولكنه كان هجو الورى ان المراد بالنبطي أبو الفضل المذكور والأسود كافور، وبالجملة فهذا القدر ما غض منه، فما زالت الأشراف تهجى وتمدح، وذكر الوزير أبو القاسم المغربي في كتاب أدب الخواص: كنت أحادث الوزير أبا الفضل جعفر المذكور وأجاريه شعر المتنبي فيظهر من تفضيله زيادة تنبه على ما في نفسه خوفا ان يرى بصورة من ثناه الغضب الخاص عن قول الصدق في الحكم العام وذلك لأجل الهجاء الذي عرض له به المتنبي اه وفي تذكرة الحفاظ: قيل إنه وزر بعد موت كافور وصادر وفعل ثم اضطربت عليه الأمور فاختفى ونهبت داره ثم صودر وبرح إلى الشام سنة 358 ثم بعد مدة رجع إلى مصر وروى عنه الحافظ عبد الغني وبلغنا ان أبا الفضل كان يفطر وينام نومة ثم ينهض ويتوضأ ويصلي إلى الغداة وانفق أموالا عظيمة في البر اه. ويرى الأب انستاس ماري الكرملي ان أول متحف للهوام والحشرات هو الذي أنشأه المترجم.