ولكن تخصيص المصنف الحكم هنا بالاقرار قد يشعر بالفرق بينه وبين نفس الفعل الذي هو سبب الحد لا الاقرار به الذي هو أعم من وقوعه منه وإن جعله الشارع طريقا مثبتا له لكن على وجه مخصوص، إلا أنه ذكر غير واحد أن الأصح عدم الفرق، لأن علل الشرع معرفات، ولذا ثبت بالشاهد واليمين الغرم بالسرقة دون القطع.
وفيه إن كان المراد إثبات الزناء نفسه بالشاهدين بالنسبة إلى الأحكام دون الحد أن ذلك لا يقتضي إلا جواز وروده من الشرع، أما مع فرض عدمه - وليس إلا الأدلة المزبورة - فالمتجه عدم تبعض أحكام الموضوع الواحد خصوصا بعد قوله تعالى (1): " فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون " الظاهر في عدم ثبوت الموضوع أصلا بدونهم، لا أنهم كاذبون بالنسبة إلى الحد دون غيره، نعم قد يقال بنحو ذلك في ما نحن فيه، لظهور الأدلة في إثبات شهادة الفرع شهادة الأصل في غير الحد، فيتجه حينئذ التبعيض فيها لا في أصل الزناء لو فرض حصول شاهدين، فتأمل جيدا.
وعلى كل حال فالأصح عدم اعتبار الأربعة في الفرع وإن اعتبرت في الشهادة على الزناء، فيكفي حينئذ الاثنان في ثبوت شهادتهم لاطلاق الأدلة وإن توقف فيه الفاضل في القواعد كما عرفت البحث فيه، والله العالم.