وظهر - بذلك - على مسرح الأحداث أعلام أشير لهم بالبنان، فأهاب بهم التاريخ، وعنت لهم عروش الجبابرة، وطأطأ لهم طواغيت العصر. فأذعن لفضلهم وعلمهم القاصي والداني، فتلألأت أنوارهم الوهاجة، فأضاؤا ما حولهم، وامتازوا عن أقرانهم بمواهب خلاقة، وخصال حميدة، وسجايا طيبة رشيدة، فأسسوا بذلك مجدهم المؤثل، وآراءهم الخالدة، على مر الدهور وكر العصور (1).
وممن نحا هذا المنحى، وسار على الطريقة المثلى، وشق طريقه المملوء بالأشواك والعراقيل لإرساء القواعد الصلدة، وبذر اللبنة الصالحة، هو: " شيخ الطائفة الحقة الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي ".
فالطوسي كما يعرفه كل من له أيسر إلمام بالثقافة الإسلامية، علم خفاق في عالم الفكر الإسلامي، وشخصية فريدة من نوعها في تاريخ الإسلام.
فهو كالطود الشامخ في آثاره، واليم الخضم المتلاطم الأمواج في أفكاره وآرائه، وهو بحق قطب رحى الدين، وأحد أكبر دعائم الإسلام، عماد الشيعة، ورافع أعلام الشريعة.
فالثقافة الإسلامية بكل فروعها مدينة لجهود هذا الرجل العظيم، الذي نذر حياته لخدمة الإسلام، وأدى إلى الفكر الإسلامي خدمة منقطعة النظير.
ولادته:
ولد الشيخ الطوسي في طوس خراسان، في شهر رمضان عام 385 هجرية،