جهده العميم في إنشائها والاهتمام بها، في محلة بين السورين في الكرخ عام 381 هجرية على غرار بيت الحكمة التي بناها هارون الرشيد.
يقول ياقوت الحموي في معجم بلدانه: " إن هذا الوزير قد جمع فيها أنفس الكتب والآثار القيمة... ونافت كتبها على عشرة آلاف مجلد، وهي بحق من أعظم المكتبات العالمية، وكان فيها مائة مصحف بخط ابن مقلة ".
وقال ابن الجوزي في حوادث سنة 449 هجرية "... وفي صفر هذه السنة كبست دار أبي جعفر الطوسي، متكلم الشيعة بالكرخ، وأخذ ما وجد من دفاتره وكرسي كان يجلس عليه للكلام، وأخرج إلى الكرخ، وأضيف إليه ثلاث سناجيق بيض كان الزوار من أهل الكرخ قديما يحملونها معهم إذا قصدوا زيارة الكوفة فأحرق... ".
ولكن المؤسف حقا أن نرى المعايير متزلزلة، والقيم متأطرة بأطر بالية...
فالخطيب البغدادي المتوفى عام 463 هجرية مع كونه معاصرا للشيخ الطوسي المتوفى عام 460 هجرية... وبما إنه يكتب تأريخا عن بغداد وعن سير الأحداث التاريخية الهامة التي حدثت بها. يتجاهل ذكر الحوادث التي ألمت بالشيعة وشيخ طائفتها الشيخ الطوسي - ولو استطرادا عابرا - لا لشئ إلا لأمر كان يبطنه؟!.
والعجب كل العجب من بعض الكتاب الذين جاءوا بعده وسودوا صفحات كتبهم بعبارات وتفاسير ومحاكمات تندى له جبين الإنسانية، فما السر إذن في التحامل على مثل هذا المخلص في وظيفته، الذاب عن عقيدته، المدافع عن حقه ومذهبه.
ولكن " الحق جديد وإن طالت به الأيام، والباطل مخذول وإن نصره أقوام " كما قاله صنو سيد الأنام، إمام الخاص والعام، أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.
* * *