قال في المدارك: ويمكن أن يستدل عليه بفحوى ما دل على انعقاد الصوم من المريض والمسافر إذا زال عذرهما قبل الزوال، وأصالة عدم اعتبار تبييت النية مع النسيان.
وربما استدل على ذلك أيضا بحديث (1) " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان " فإن ايجاب القضاء يقتضي عدم رفع النسيان.
أقول: لم أقف في هذا المقام على نص من الأخبار وهذه الأدلة كلها لا تخلو من شوب الاشكال الموجب لعدم الاعتماد عليها في تأسيس حكم شرعي، أما الرواية المذكورة فالظاهر أنها من طريق الجمهور فإني لم أقف عليها في شئ من الأصول، ومع هذا فهي مختصة بالجاهل والمساواة ممنوعة، على أنها لا تقتضي تحديد الحكم بالزوال كما هو المدعى بل هي أعم وهم لا يقولون به. وأما الاستدلال بفحوى ما ذكر فهو متوقف على ثبوت العلة وأولويتها في الفرع وهو ممنوع، على أن الدليل المشار إليه إنما ورد في المسافر وأما المريض فلم يرد فيه نص بذلك كما سيأتي بيانه في محله وإنما ذكر الأصحاب ذلك واستدلوا عليه ببعض الأدلة الاعتبارية. وأما أصالة عدم اعتبار تبييت النية ففيه أن الأصل يرتفع بما دل على اعتبار النية في صحة العبادة كلا أو بعضا. وأما حديث " رفع عن أمتي " فالظاهر أن المراد منه رفع المؤاخذة والعقاب ولا دلالة فيه على عدم القضاء. وبالجملة فالمسألة لا تخلو من شوب الاشكال إذا عرفت ذلك فاعلم أن ما تقدم إنما هو بالنسبة إلى الواجب المعين وأما الواجب الغير المعين كالقضاء والنذر المطلق فقد قطع الأصحاب بأن وقت النية فيه يستمر من الليل إلى الزوال إذا لم يفعل المنافي نهارا.
ويدل عليه أخبار كثيرة: منها ما رواه الكليني في الصحيح عن عبد الرحمان ابن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام (2) " في الرجل يبدو له بعد ما يصبح ويرتفع النهار