بمكة والمدينة ونحن في سفر؟ فقال فريضة؟ فقلت لا ولكنه تطوع كما يتطوع بالصلاة. فقال تقول اليوم وغدا؟ قلت نعم. فقال: لا تصم، ثم قال: قال الشيخ (قدس سره) في التهذيب بعد أن أورد هذه الروايات: ولو خلينا وظاهر هذه الأخبار لقلنا إن صوم التطوع في السفر محظور كما أن صوم الفريضة محظور غير أنه قد ورد فيه من الرخصة ما نقلنا عن الحظر إلى الكراهة. ثم أورد في ذلك روايتين أحداهما بطريق فيه عدة من الضعفاء والمجاهيل عن إسماعيل بن سهل عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام (1) قال: " خرج أبو عبد الله عليه السلام من المدينة في أيام بقين من شعبان وكان يصوم ثم دخل عليه شهر رمضان وهو في السفر فأفطر فقيل له أتصوم شعبان وتفطر شهر رمضان؟ فقال نعم شعبان إلي إن شئت صمته وإن شئت لا وشهر رمضان عزم من الله عز وجل على الافطار " والثانية رواها بطريق ضعيف جدا عن الحسن بن بسام الجمال عن رجل (2) قال: " كنت مع أبي عبد الله عليه السلام في ما بين مكة والمدينة في شعبان وهو صائم ثم رأينا هلال شهر رمضان فأفطر فقلت له جعلت فداك أمس كان من شعبان وأنت صائم واليوم من شهر رمضان وأنت مفطر؟ فقال إن ذلك تطوع ولنا أن نفعل ما شئنا وهذا فرض وليس لنا أن نفعل إلا ما أمرنا " ثم قال: ولا يخفى أن الخروج عن مقتضى الأخبار الصحيحة المستفيضة بهاتين الروايتين الضعيفتين غير جيد.
أقول: لا يخفى أن كلامه هذا إنما يتجه بناء على ثبوت هذا الاصطلاح المحدث وصحته وأما من لا يرى العمل به كأصحابنا المتقدمين وجملة من المتأخرين فلا معنى له لأنهم يحكمون بصحة الأخبار كملا والضعف عندهم ليس باعتبار الأسانيد، وإنما هو باعتبار متون الأخبار ومضامينها متى خالفت السنة المستفيضة أو القواعد المقررة أو القرآن أو نحو ذلك من الوجوه التي قرروها، ولهذا ترى الشيخين وغيرهما من المتقدمين تفادوا من طرح هذه الأخبار بحمل تلك الأخبار على الكراهة وهو