النجس مصدر فلا يصح وصف الجثة به إلا مع تقدير كلمة " ذو " ولا دلالة في الآية معه، لجواز أن يكون الوجه في نسبتهم إلى النجس عدم انفكاكهم عن النجاسات العرضية لأنهم لا يتطهرون ولا يغتسلون، والمدعى نجاسة ذواتهم. و (ثانيا) عدم إفادة كلام أهل اللغة كون معنى النجس لغة هو المعهود شرعا وإنما ذكر بعضهم أنه المستقذر وقال بعضهم هو ضد الطاهر، ومن المعلوم أن المراد بالطهارة في اطلاقهم معناها اللغوي، فعلى هذين التفسيرين لا دلالة لها على المعنى المعهود في الشرع فتتوقف إرادته على ثبوت الحقيقة الشرعية أو العرفية المعلوم وجودها في وقت الخطاب، وفي الثبوت نظر.
و (ثالثا) أنه على تقدير التسليم فالآية مختصة بمن صدق عليه عنوان الشرك والمدعي أعم منه.
أقول: والجواب عن الأول أنه لا ريب في صحة الوصف بالمصدر إلا أنه مبني على التأويل، فمنهم من يقدر كلمة " ذو " ويجعل الوصف بها مضافا إلى المصدر فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وعلى هذا بنى الإيراد المذكور، ومنهم من جعله واردا على جهة المبالغة باعتبار تكثر الفعل من الموصوف حتى كأنه تجسم منه. وهذا هو الأرجح عند المحققين من حيث كونه أبلغ، وعليه حمل قول الخنساء " فإنما هي اقبال وادبار " كما ذكره محققوا علماء المعاني والبيان، وعليه بنى الاستدلال بالآية المذكورة.
وعن الثاني بأن النجس في اللغة وإن كان كما ذكره إلا أنه في عرفهم (عليهم السلام) كما لا يخفى على من تتبع الأخبار وجاس خلال تلك الديار إنما يستعمل في المعنى الشرعي، والحمل على العرف الخاص مقدم على اللغة بعد عدم ثبوت الحقيقة الشرعية، وتنظر المورد في ثبوت الحقيقة العرفية في زمن الخطاب بمعنى أن عرفهم (عليهم السلام) متأخر عن زمان نزول الآية عليه (صلى الله عليه وآله) فلا يمكن حمل الآية عليه مردود بأن عرفهم (عليهم السلام) في الأحكام الشرعية وفتاويهم وأمرهم ونهيهم في ذلك راجع في الحقيقة إليه (صلى الله عليه وآله) فإنهم نقلة عنه وحفظة