وعن عثمان بن عيسى عن سماعة (1) قال: " سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن جلود السباع قال فقال اركبوها ولا تلبسوا شيئا منها تصلون فيه ".
قال شيخنا المجلسي في البحار ذيل هذين الخبرين: هذان الخبران يدلان على كون السباع قابلة للتذكية بمعنى إفادتها جواز الانتفاع بجلودها لطهارتها كما هو المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) بل قال الشهيد إنه لم يعلم القائل بعدم وقوع الذكاة عليها سوى الكلب والخنزير. واستشكال الشهيد الثاني وبعض المتأخرين في الحكم بعد ورود النصوص المعتبرة وعمل القدماء والمتأخرين بها لا وجه له. انتهى.
أقول: ومن الأخبار في ذلك أيضا ما يأتي في كتاب الصلاة إن شاء الله تعالى من جواز الصلاة في الخز اتفاقا وفي جلود جملة من الحيوانات كالفنك والسنجاب والسمور والثعالب والأرانب على خلاف في ذلك دون أصل اللبس فإنها ظاهرة في جوازه.
وقال في الفقه الرضوي (2) " ولا تجوز الصلاة في سنجاب أو سمور أو فنك فإذا أردت الصلاة فانزعه عنك وقد روى فيه رخصة وإياك أن تصلي في الثعالب ولا في ثوب تحته جلد ثعالب وصل في الخز إذا لم يكن مغشوشا بوبر الأرانب.. ولا تصل في جلد الميتة " انتهى.
واطلاق هذه الأخبار شامل للمدبوغ وغيره وبه يظهر قوة القول المشهور، وبالجملة فإنه متى ثبتت الطهارة بالتذكية جاز الاستعمال ومدعى الزيادة على ذلك عليه الدليل.
وبما سردناه من الأخبار يظهر ما في حكم أصحابنا (رضوان الله عليهم) بكراهة الاستعمال قبل الدبغ تفصيا من خلاف الشيخ والمرتضى فإنه لا يخفى أن الكراهة عندهم من الأحكام الشرعية المتوقف ثبوتها على الدليل فكيف يسوغ الحكم بها من غير دليل؟
ومجرد قول هذا القائل مع خلوه من الدليل ليس بدليل الكراهة، وغاية ما يمكن