قال بعد سطر واحد: جميع النجاسات يجب إزالتها عن الثياب والبدن قليلا كان أو كثيرا إلا الدم فإن له ثلاثة أحوال دم البق والبراغيث ودم السمك وما لا نفس له سائلة ودم الجروح اللازمة لا بأس بقليله وكثيره، وهذا الكلام الأخير يرجع في المعنى إلى ما نقلنا عن الجمل والمبسوط في الدلالة على نجاسة الدماء الثلاثة المذكورة مع أنه جمع بينه وبين الاجماع على الطهارة في مقام واحد وعبارة واحدة. ولا ريب أنه بناء على التوسع في التعبير لظهور طهارة هذه الدماء اتفاقا أو أنه أراد بالنجاسة التي جعلها مقسما معنى خلاف الظاهر اعتمادا على القرينة الحالية وهي معلومية الطهارة فعلى هذا يحمل كلامه أيضا في ذينك الكتابين، وقد جرى مثل ذلك لسلار وابن حمزة أيضا حيث ذكرا مثل هذا التقسيم الذي نقلناه عن الشيخ في الجمل ولم يظهر منهما ما يوجب الخروج عن ظاهرها كما اتفق للشيخ بنقل الاجماع في الخلاف إلا أن الظاهر الحمل على ما ذكرناه في عبارة الشيخ من التجوز، هذا مع أن السهو والنسيان كالطبيعة الثانية للانسان والمعصوم من عصمه الله تعالى.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن العلامة في المنتهى قد استدل على طهارة دم السمك بوجوه: منها قوله تعالى: " أحل لكم صيد البحر وطعامه " (1) وقوله سبحانه:
" قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا " (2) ووجه الدلالة في الأولى بأن التحليل يقتضي الإباحة من جميع الوجوه وذلك يستلزم الطهارة، وفي الثانية بأن دم السمك ليس بمسفوح فلا يكون نجسا. واعترض عليه بعض أفاضل المتأخرين بأن الاستدلال بالآية محل تأمل. أقول: الظاهر أن وجه التأمل هو أن المتبادر من الحل هو حل ما يعهد أكله منه كاللحم ونحوه لا الدم، أما الآية الثانية فهي ظاهرة في الحل الموجب للطهارة، ومنه يظهر قوة القول بحل دم السمك، وظاهر كلام جملة من الأصحاب بل الظاهر أنه المشهور هو التحريم واختصاص التحليل في أفراد