حيث إن السائل سأل عن بيعه قبل قبضه، فأجاب (عليه السلام) بقوله: «فلا تبعه حتى تكيله أو تزنه» فيكون ذلك ظاهر الدلالة على أن المراد ب «الكيل» و «الوزن» هو القبض كناية، وإرجاع السؤال إلى الكيل بعيد جدا.
ورواية أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل اشترى طعاما، ثم باعه قبل أن يكيله.
قال: «لا يعجبني أن يبيع كيلا أو وزنا قبل أن يكيله أو يزنه، إلا أن يوليه كما اشتراه، إذا لم يربح فيه أو يضع، وما كان من شئ عنده ليس بكيل ولا وزن، فلا بأس أن يبيعه قبل أن يقبضه» (1).
فإن الظاهر منها: أن المراد ب «الكيل» في الصدر هو القبض كناية; للتلازم بينهما في الغالب.
وكيف كان: فجميع الروايات الواردة في الباب - مما تعرضت للقبض، أو للكيل والوزن - ترجع إلى البيع قبل القبض، فلا بد من ملاحظة المجموع والجمع بينها.
الروايات الواردة في بيع المتاع قبل قبضه فنقول: لا إشكال في دلالة جملة من الروايات لولا القرينة، على بطلان البيع قبل القبض; فإن النواهي المتعلقة بالبيع ونحوه - مما يتوقع منه ترتب الأثر والصحة - ظاهرة عرفا في الإرشاد إلى الفساد، لا بمعنى الظهور اللفظي اللغوي; فإن النهي لم يوضع إلا للزجر، بل بمعنى أن تعلقه بما ذكر، يوجب فهم الإرشاد