وعليه فلو فرض العلم ببطلانهما معا; لأجل التنافي، وسقوطهما معا، لم يكن إشكال في بطلان الجميع، لكن ليس لنا علم بذلك، غاية الأمر العلم بعدم إمكان صحتهما; لاحتمال صحة الفسخ، ووقوع عتق الجارية، وبطلان عتق العبد، وبالعكس، ومعه لا بد من الرجوع إلى الأصول.
الأصول المتصورة عند الشك في صحة العتق والملك والأصول المتصورة هنا خمسة:
أحدهما: أصالة عدم تحقق الفسخ، وهي أصل سببي محض.
ثانيها: أصالة عدم عتق العبد.
ثالثها: أصالة عدم عتق الجارية، وهما أصلان مسببيان محضا.
رابعها: أصالة بقاء العبد في ملك المشتري.
خامسها: أصالة بقاء الجارية في ملك البائع.
وهما أصلان سببيان بالنسبة إلى الأصلين الآنفين، ومسببيان بالنسبة إلى الأصل الأول; فإن الشك في عتق كل منهما، ناشئ عن الشك في حصول الملكية وعدمه، والشك في الحصول، ناشئ عن الشك في تحقق الفسخ.
فحينئذ إن قلنا: بأن أصالة عدم الفسخ، تحرز ملكية المشتري للعبد، والبائع للجارية، فيحرز بها موضوع قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا عتق إلا في ملك، ولا بيع إلا في ملك» (1) وأن أحدهما بالنسبة إلى البائع، مندرج تحت المستثنى، والآخر تحت المستثنى منه، وبالنسبة إلى المشتري عكس ذلك، فنحكم بصحة عتق العبد، وبطلان عتق الجارية.