وقد تقدم منا ما يرجح الأخير (1); ضرورة أن الوطء ليس مثل ركوب الدابة وعلفها وسقيها وسائر التصرفات، التي لا توجب صدق «حدوث شئ فيها» بل هو من أوضح ما يصدق عليه «أنه أحدث فيها شيئا وما بقيت قائمة بعينها، وبلا حدث» فالروايات متوافقة غير متخالفة.
ولعل ذلك هو مراد الإسكافي حيث حكي عنه: أن الوطء مما لا يمكن معه رد المبيع إلى ما كان عليه قبله (2)، ولا يرد عليه النقض بسائر التصرفات كما توهم (3).
وأما عده جناية فغير مرضي كما عن «التذكرة» (4) وما ورد في بعض الروايات من قوله (عليه السلام): «معاذ الله أن يجعل لها أجرا» (5) لا يكون المراد منه أن هذا جناية، لو ردت لزم أن يرد معها شئ تداركا لها، فتكون كأجرة للفروج.
بل الظاهر منها: أن الوطء يوجب نقيصة عقلائية في الجارية، فمع ردها لا بد من أن تجبر تلك النقيصة، ولو حكم بالجبران، فلا بد من عرض الجارية على السوق; ليحكم أهل الخبرة بأن مثلها إذا وطئت، فبأي مقدار تكون قيمة وطئها، حتى ينقص من القيمة، وهذا عين أجرة المثل أو نظيرها، وأبى الله تعالي أن يجعل لها أجرا.