والظاهر منهما: أن المراد من مثل قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا تحل صفقتان في واحدة» أو قوله (عليه السلام): «نهى (صلى الله عليه وآله وسلم) عن شرطين في بيع» أو «بيعين في بيع» هو البيع بثمنين حالا ونظرة، ويظهر من جميعها - ولو برد بعضها إلى بعض - أن المراد هو الإيجاب بثمنين حالا بكذا، ونسيئة بكذا، ولحوق القبول به كذلك من غير تعيين.
وقوله في رواية محمد بن قيس: «إن ثمنها كذا وكذا يدا بيد، وثمنها كذا وكذا نظرة، فخذها بأي ثمن شئت، وجعل صفقتها واحدة» وإن كان يوهم أن الأخذ هو قبول أحدهما معينا، لكنه غير صحيح:
أما أولا: فلأن الأخذ يخالف القبول، بل هو التسلم بعد تمام البيع.
وثانيا: فلأن قوله: «وجعل صفقتها واحدة» يرفع الإبهام عنه; فإن المراد ب «الصفقة» هو ضرب اليد لتثبيت المعاملة، فهو ظاهر أو صريح في أن المعاملة وقعت على ثمنين آجلا وعاجلا; ليختار أحدهما بعد ذلك.
بل الظاهر أن الروايتين نقل لقضية واحدة عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، وصريح الثانية هو أخذ المتاع على الشرط أي الثمنين، فقبل المتاع على الشرط ليختار أحدهما.
فتحصل مما ذكر: أن جميع الروايات بصدد بيان أمر واحد; وهو النهي عن مثل هذه المعاملة التي كانت كأنها معهودة بينهم.
ثم لا يبعد أن يكون وجه الجمع بين الروايات، حمل ما دلت على النهي عن بيعين في بيع، أو شرطين في بيع ونحوهما، على الكراهة أو التحريم، لا البطلان; بشهادة روايتي السكوني ومحمد، حيث تظهر منهما الصحة فيما إذا قبلهما صفقة واحدة.