المطلب الرابع في صلاة الملائكة:
[... وملائكة يصلون...] من الواضح أن {ملائكته} بالإضافة إلى الضمير ولم يقل (الملائكة) بالام إشارة إلى عظم قدرهم ومزيد شرفهم بإضافتهم إلى الله تعالى، وذلك مستلزم لتعظيمه صلى الله عليه (وآله) وسلم بما يصل إليه منهم، من حيث أن العظيم لا يصدر منه إلا عظيم، ثم فيه تنبيه على كثرتهم، وأن الصلاة من هذا الجمع الكثير الذي لا يحيط بمنتهاه غير خالقه، واصلة إليه صلى الله عليه (وآله) وسلم على ممر الأيام والدهور مع تجددها كل وقت وحين، وهذا أبلغ تعظيم وأنهاه وأشمله وأكمله وأزكاه.
والجدير بالالتفات والتوجه الدقيق إلى كلمة: {ملائكته} فإنها كما تعرفت بالإضافة التي جاءت للتشريف والتعظيم، كما وتدل على إفادتها للعموم، أي أن كل ملك خلقه الله تعالى بلا استثناء يصلي على محمد وآل محمد في ما يناسب مقامه نحو الكمال والتطبيق والملائكة لا يعلم عددهم إلا الذي خلقهم {وما يعلم جنود ربك إلا هو} [المدثر: 31].
وقال الإمام علي صلوات الله عليه وهو يصف كثرة الملائكة (من أول خطبة في نهج البلاغة): [ثم فتق ما بين السماوات العلا، فملأهن أطوارا من ملائكته، منهم سجود لا يركعون، وركوع لا ينتصبون، وصافون لا يتزايلون ومسبحون لا يسأمون لا يغشاهم نوم العيون ولا سهو العقول ولا فترة الأبدان ولا غفلة النسيان. ومنهم الثابتة في الأرضين السفلى أقدامهم...].
وقال في خطبة (91) والتي تعرف ب (الأشباح): [ثم خلق سبحانه لإسكان سماواته، وعمارة الصفيح الأعلى من ملكوته، خلقا بديعا من ملائكته، وملأ بهم فروج فجاجها، وحشا بهم فتوق أجوائها... وأنشأهم على صور مختلفات، وأقدار متفاوتات، (أولي أجنحة)... ومنهم من هو في خلق الغمام الدلج، وفي عظيم الجبال الشمخ، وفي قترة الظلام الأيهم، ومنهم من قد خرقت أقدامهم تخوم الأرض