وعلى هذا يكون معنى: [اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم] أنه قد تقدمت منك الصلاة على إبراهيم وآل إبراهيم فنسأل منك الصلاة على محمد وآل محمد بطريق الأولى، لأن الذي يثبت للفاضل يثبت للأفضل بطريق الأولى، ومحصل هذا الجواب أن التشبيه ليس من باب إلحاق الكامل بالأكمل بل من باب التهييج ونحوه، أو من باب بيان حال ما لا يعرف بما يعرف لأنه فيما يستقبل والذي يحصل للنبي الأكرم وآله صلى الله عليه وآله وسلم من ذلك أقوى وأكمل. وبهذا يحصل الانفصال عن الإيراد المشهور من أن شرط التشبيه أن يكون المشبه به أقوى. وبه قال ابن حجر في فتح الباري في شرح البخاري. ولكن قد يقال في رد هذا الجواب:
أولا: بأن الكاف للتشبيه وهو صفة مصدر محذوف أو حال كما مر عليك وتقدير المعنى: [اللهم صل على محمد وآل محمد صلاة مماثلة للصلاة على إبراهيم وآل إبراهيم] وهذا الكلام حقيقته أن تكون الصلاة مماثلة للصلاة المشبه بها فالظاهر أن هذا يقتضي المساواة إذ المثلان هما المتساويان في الوجوه الممكنة فلا يعدل عن حقيقة الكلام ووجهه.
ثانيا: أن ما ذكروه يجوز أن يستعمل في الأعلى والأدنى والمساوي، فلو قلت:
أحسن إلى أبيك وأهلك كما أحسنت إلى مركوبك وخادمك ونحوه جاز ذلك.
ومن المعلوم أنه لو كان التشبيه في أصل الصلاة لحسن أن تقول: [اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على آل أبي أوفى، أو كما صليت على آحاد المؤمنين ونحوه، أو كما صليت على آدم، ونوح، وهود، ولوط]، فإن التشبيه عند هؤلاء إنما هو واقع في أصل الصلاة لا في قدرها ولا صفتها، ولا فرق في ذلك بين كل من صلى عليه، وأي ميزة وفضيلة في ذلك لإبراهيم وآله وما الفائدة حينئذ في ذكره وذكر آله؟
وكان يكفي في ذلك أن يقال: [اللهم صل على محمد وآل محمد] فقط.
ثالثا: أن ما ذكروه من الأمثلة ليس بنظير الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإن هذه الأمثلة نوعان: خبر، وطلب، فما كان منها خبرا فالمقصود بالتشبيه به