المطلب السابع في:
[تعبد الجن بالصلاة على محمد وآل محمد] الخطاب في الآية ب {يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه} مما يختص بهذه الأمة دون سائر الأمم ففي القرآن أكثر من ثمانين موضعا لفظة {يا أيها الذين آمنوا} بنحو الخطاب، وبغير الخطاب أيضا كالتعبير ب {المؤمنين} فهذه الألفاظ مما شرف الله تعالى الأمة بها، وأما الأمم السابقة فقد عبر عنهم بلفظة القوم كقوله تعالى: {قوم نوح وقوم هود}، وقوله تعالى: {وقال يا قوم}، و {قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة} وقوله تعالى: {أصحاب مدين}، و {أصحاب الرس} و {بني إسرائيل} فالتعبير بلفظة: {الذين آمنوا} مما يختص التشرف به بهذه الأمة (52).
وثبت في محله (في أصول الفقه) أن التكليف في القرآن الكريم عام يشمل المخاطبين والغائبين إلى يوم القيامة، ولعله يمكن أن يقال: بحكم إطلاق الآية يشمل مؤمني الجن أيضا، كما وهناك الأخبار من الفريقين وردت في صلواتهم على النبي وآله، وسنذكر بعضها في هذا المطلب، إلا أنه لابد من كلمة في ما يخص عالم الجن ليتضح مقصدنا في هذا المضمار.
فنقول: إن عالم الجن غير الإنسان خلافا للبعض كما وهو غير عالم الملائكة، بينهم وبين الإنسان قدر مشترك من حيث الاتصاف بصفة العقل والإدراك، ومن حيث القدرة على اختيار طريق الخير والشر، ويخالفون الإنسان في أمورهما، وأصل الجان مخالف لأصل الإنسان، وسموا جنا لاجتنانهم أي استتارهم عن العيون، وإبليس من هذه الفصيلة، فقد قال تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه} [الكهف: 50].
وقد أخبرنا الله عز وجل أن الجن قد خلقوا من النار في قوله: {إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم} [الأعراف: 27]، وفي سورة الرحمن، آية: 15: