وقال الفاضل المقداد في كنز العرفان في تفسير الآية: والتسليم قيل المراد: الانقياد، كما في قوله تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} [النساء: 65].
وقيل هو قولهم: [السلام عليك أيها النبي...]، قاله الزمخشري والقاصي في تفسيرهما وذكره الشيخ في تبيانه. وأضاف الفاضل قائلا: وهو لقضية العطف، ولأنه المتبادر إلى الفهم عرفا، ولرواية كعب أي قوله: قلنا يا رسول الله هذا السلام فقد عرفناه فكيف الصلاة عليك؟... وقوله رحمه الله: (قضية العطف) يعني أن المراد بالصلاة هي الصلاة اللفظية المتعدية ب (على) وعطف {سلموا} على الصلاة يقتضي أن يكون المراد التسليم هو السلام اللفظي عليه صلى الله عليه وآله وسلم لا التسليم " بمعنى الانقياد " له، ويأتي أن الآية مشعرة بخلافه، وذلك لعدم ذكر المتعلق فيها، ويحتمل أن يكون المحذوب: (عليه) أو (له) وأما العرف فليس حجة في فهم القرآن الكريم.
ورواية كعب لا يفهم منها أن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم علمهم السلام في تفسير معنى التسليم في الآية، بل تدل روايته أنه قد علموا السلام قبل نزول الآية، نعم لإطلاقها وعدم ذكر المتعلق فيها يمكن أن يقال المقصود كليهما: [التسليم عليه]، و [التسليم له].
وحينئذ لا يصح حمل التسليم وتنزيل الآية على وجوب السلام عليه بتقييدها [في التشهد الأخير] بقوله: [السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته] ولا على وجوب السلام المخرج عن الصلاة فإن الآية بناء على هذا يكون المراد هو السلام اللفظي لا الانقياد لأن الآية مطلقة، ولا دليل على تقييدها بشئ من الاحتمالين على أن السلام الأول في الصلاة العبادية قامت الأدلة على استحبابه، فالأفضل تعميم الآية لكلا المعنيين.
ولذا قال المراغي في تفسير الآية: وأظهروا شرفه بكل ما تصل إليه قدرتكم من حسن متابعته والانقياد لأمره، في كل ما يأمر به والصلاة والسلام عليه بألسنتكم (1).