وفي مستدرك الوسائل عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: [لما خلق الله العرش، خلق سبعين ألف ملك، وقال لهم: طوفوا بعرشي النور، وسبحوني، واحملوا عرشي، فطافوا وسبحوا، وأرادوا أن يحملوا العرش فما قدروا فقال لهم الله عز وجل: طوفوا بعرشي النور وصلوا على نور جلالي محمد حبيبي واحملوا عرشي، فطافوا وحملوه وقالوا: ربنا أمرتنا بتسبيحك وتقديسك، وأمرتنا أن نصلي على نور جلالك محمد فننقص من تسبيحك؟ فقال الله لهم: يا ملائكتي إذا أنتم صليتم على حبيبي محمد فقد سبحتموني، وقدستموني وهللتموني.
وفيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال له رجل جعلت فداك أخبرني عن قول الله تبارك وتعالى وما وصف من الملائكة: {يسبحون الليل والنهار لا يفترون} [الأنبياء: 20] ثم قال: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} كيف لا يفترون وهم يصلون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟
فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى لما خلق محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر الملائكة فقال: أنقصوا من ذكري بمقدار الصلاة على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): فقول الرجل: [صلى الله على محمد في الصلاة مثل قوله: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر] (36).
أقول: المثلية هنا من حيث المعنى الذي تحمله الصلاة وليس فقط من ناحية الأجر والثواب أي أن الصلاة هي العبادة التي تساوي هذه الأذكار في ما تجسدها الملائكة في أفعالها وشئونها الخاصة وسنخ عبادتها وتقربها إلى ساحة الفيض وازدياد قابليتها وتهيأ ذواتها المقدسة لذلك وسيرها نحو الكمال اللامتناهي، كل ذلك توجبه روحانية الصلاة على محمد وآل محمد وحركتها الغيبية في تحقق الصلاة، أو قل الصلاة الفعلية الملائكية، ومعنى هذه الصلاة يأتي مفصلا كما ولنا في هذا المضمار كلام مفصل يأتي في أبحاث هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.