وقال تعالى في سلامهم في عالم البرزخ: {لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} [مريم: 62].
وعلى هذا كل مؤمن كان في أوضاع وأحوال تشابه أحوال هذين النبيين العظيمين فستعمه، وتظلله هذه السلامة الربانية، والوقاية الإلهية.
وهناك الأنواع الكثيرة التي لا تحصى في مفهوم السلامة وينبغي أن يحمل معنى (السلام عليك يا رسول الله! أو أيها النبي! أو على عباد الله الصالحين) كما في سلام التشهد أو (السلام على أهل البيت صلوات الله عليهم في الزيارات) بالمعنى الواسع للكلمة يشمل سلامة الدين والدنيا وسلامة الإيمان وسلامة الروح والفكر والجسد واللسان والسلوك والعمل والعاقبة، وكل أنواع السلامة، سلامة من كل مكروه الذي ليس بعدها إلا دار السلام: {والله يدعو إلى دار السلام} [يونس: 25]. هذا إذا كانت السلامة تعود على المسلم.
أما إذا أخذنا السلامة في جانب أهل البيت عليهم الصلاة والسلام وهو الظاهر من الآية فإن الصلوات تكون في مقام الإيجاب فيما ذكر، والتسليم يكون في مقام السلب عن كل شئ لذواتهم المقدسة، أما للمسلم عليهم أو للمسلم نفسه إلا أنه يطلب ذلك من بابه ويستمطره من مجرى فيضه تعالى.
وللتوضيح أكثر نقول: أن الصلوات لها جانب إيجابي ومفهوم ثبوتي، فأنت تسأل أن يكون شيئا ويفاض خيرا، أما في مفهوم السلام فإنك تسأل أن لا يكون شيئا، وأن يحفظ من مكروه، وجانب السلب يشمل في مقامه أنواعا كثيرة كما هو واضح، وبكلمة أخرى: أن الصلاة تكون في مقام التحلية، والسلام يكون في مقام التخلية على حد تعبير علماء الأخلاق أو نقول بعبارة أهل المعرفة: الصلاة تجل بالجمال والسلام تجل بالجلال.