لتلك الرحمة في حصول ما يمكن بحسب القابلية والاستعداد، من الرحمة العامة، والخاصة والمراتب العالية، وأنواع الرزق الذي لا يمكن حصرها، فهي (أي الرحمة) في أنواعها تتجاوز عدد أنفاس الخلائق، وإنما قلنا أن الصلاة تشتمل على الرحمة فإنما هو بملاحظة العنوان العام (الانعطاف والميل).
وبعبارة أخرى: أن معنى (صلاة الله) هو انعطاف منه تعالى إلى محمد وآل محمد بنزول الرحمة الخاصة، واستمرار الفيض وتنزلاتهم بمراتب معينة.. ومن الملائكة انعطاف إليه بطلب الرحمة، ومن المؤمنين انعطاف إليه أيضا باستنزال تلك الرحمة. أعني الرحمة الخاصة التي أشار إليها تعالى بقوله: {وكان بالمؤمنين رحيما} كل بقدره ومقامه، ومن المعلوم أن القدر الذي يليق بالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وآله عليهم الصلاة والسلام من ذلك أرفع مما يليق بغيره، بل تكون استنزالا لها به (صلى الله عليه وآله وسلم) لهم مما تتوقف إيصالها لهم إلا بوجوده المقدس، كما وتكون عبارة عن اتصال الفيض مما يتعلق بالنفع المتجدد والتوفيق لكل خير وفقوا له وهذا باب جدا واسع.
ومن الواضح أن ما مر في الآية الثالثة من تفسير الصلاة بالرحمة الخاصة كانت لإخراجهم من الظلمات إلى النور، أي صلاة الله على الذاكرين كثيرا مقدمة لتلك النتيجة أما هنا فصلاة الله على محمد وآل محمد التي بمعنى زيادة الرحمة الخاصة (الرحمة الرحيمية) التي من بعض شؤونها تأهيلهم هداية الخلق، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، وبهذا التقرير يظهر الفرق بين النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وآله عليهم السلام وبين سائر المؤمنين بخصوص الرحمة الرحيمية أو الصلاة النورانية.
وتجدر الإشارة أن الرحمة الرحيمية قد أشار إليها تعالى بقوله: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين * قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} [يونس: 58]، وفي مجمع