يفهم ذلك مما ذكره علماء التفسير من أن الخطاب في القرآن الكريم على نحوين:
النحو الأول خطاب النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بوصف الرسالة والآخر بوصف النبوة.
ونلاحظ في خطابه بالرسالة يشير أن المخاطب به من شأن من شؤون الرسالة ومسؤوليتها وأمر من أمورها التبليغية كقوله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين} [المائدة: 67]، فإن تبليغ الناس الإمام علي [صلوات الله وسلامه عليه] وأنه صاحب الخلافة الربانية والإمامة الإلهية هو من مسؤوليات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وواجبات الرسالة وأركانها وامتداد لكيانها وتجسيد لذاتها.
وهذا بخلاف الخطاب بوصف النبوة فإن المخاطب به غالبا ما يكون من شؤون النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم والخاصة به، ومن لوازم مقامه السامي وشخصيته المعصومة كقوله في مقام تعظيمه في أسرته: {يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا} [الأحزاب: 28]، وقوله تعالى: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم} [التحريم: 1]، وغيرها من الآيات.
فإن هذه المنزلة لنسائه تعظيما لشأنه ومقامه كما أن تحريمه العسل كان تحريما خاصا على نفسه لخلقه العظيم فيما يكون إرضاء لبعضهن.. وعليه يكون تعليق الفعل في آية الصلوات: {إن الله وملائكته يصلون على النبي} بوصف النبوة معناه أن شخصية النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ومنزلته النبوية تقتضي تعظيمه والصلاة عليه أو قل: إن الصلاة عليه استحقها من ناحية خلقه الذي شهد له الحق بعظمته فقال:
{وإنك لعلى خلق عظيم} [القلم: 4]،