وقيل: أن المراد بالأخبار في ورود الآية بالصلاة عليه مبني على قراءتها قبل الشروع في الصلاة المعروفة على الميت، وأنه كان منفردا بقراءة هذه الآية. وهو بعيد جدا وإن كان ذلك يمكن في خصوص الصلاة التي صلاها الإمام عليه السلام. والأظهر ما مر، والشاهد على ذلك أن السائل سئل عن كيفية الصلاة في خبر الكافي، فلو كانت هي صلاة الأموات من الناس لا قراءة الآية لما أطال عليه الصلاة والسلام بالكلام، ولبين فقط زيادة الآية في أولها كما يدعي صاحب هذا القيل.
بل حرموا من الصلاة عليه لارتدادهم بعد موته صلى الله عليه وآله وسلم، ويصرح بذلك الخبر الوارد عن الإمام الباقر عليها السلام قال: فلما فرغ أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام من غسله وتجهيزه، تقدم فصلى عليه وحده، لم يشركه معه أحد في الصلاة عليه وكان المسلمون في المسجد يخوضون فيمن يؤمهم في الصلاة عليه وأين يدفن. وفي خبر آخر. ولم يحضر دفن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أكثر الناس لما جرى بين المهاجرين والأنصار من التشاجر في أمر الخلافة، وفات أكثرهم الصلاة عليه.
ثم أذن للناس وقال: ليدخل منكم عشرة عشرة ليصلوا عليه، فدخلوا.
وقام أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام بينه وبينهم وقال {إن الله وملائكته يصلون على النبي... الآية} وكان الناس يقولون كما يقول، وقال أبو جعفر عليه الصلاة والسلام: وهكذا كانت الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم (20).
قال المجتهد الأكبر السيد محسن الأمين العاملي رحمه الله: ويظهر من مجموع الروايات أن الصلاة الحقيقية كانت هي صلاة أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام وحده، أو هو والستة الذين كانوا معه، على اختلاف الروايتين. وباقي الناس كانوا يدخلون ويقرؤون الآية من غير صلاة. وقول أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إمامنا حيا وميتا لئلا يؤم في الصلاة عليه من ليس بأهل، ويتخذ ذلك حجة كما اتخذت شبهة التقدم في الصلاة في مرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم حجة، مع مبادرة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وهو في أشد المرض لإزالتها كما ينبئ عن ذلك خوضهم فيمن يؤمهم فأقنعهم أمير المؤمنين بذلك (21).