وأؤكد (هنا) إنه مهما زادته صلى الله عليه وآله وسلم رحمة على رحمة فإن لنا قسط وافر من آثارها وفوائدها.. وكما قال الإمام أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام في خطبة له خطبها بعد وفاة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قال: بالشهادتين تدخلون الجنة، وبالصلاة تنالون الرحمة، فأكثروا من الصلاة على نبيكم وآله: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلوا تسليما} (34).
كما وهي لنا عون ونجاح للطلبات قال الإمام السجاد عليه الصلاة والسلام في دعائه لطلب الحوائج: [صل على محمد وآله صلاة دائمة، نامية لا انقطاع لأبدها، ولا منتهى لأمدها، وجعل ذلك عونا لي وسببا لنجاح طلبتي إنك واسع كريم].
والذي يجلب الانتباه في بعض صيغ (الصلوات الإبراهيمية): عطف [... وترحم على محمد وآل محمد] على [اللهم صل على محمد وآل محمد] وهذا يدل على أن الصلاة تشتمل (فيما تشتمل) على الرحمة المناسبة لذواتهم المقدسة، فهو من باب عطف الخاص على العام ومعنى (ترحم): أي بالغ في إفاضة أنفع رحماتك عليه. وفي بعض الصيغ (تحنن) وهو بمعنى الترحم. قال بعض الأفاضل: (الصلاة) وإن كانت بمعنى الرحمة لكن المراد بها (هنا) الاعتناء بإظهار شرفه، ورفع شأنه، ومن هنا قال بعضهم:
تشريف الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم بقوله تعالى: {إن الله وملائكته يصلون على النبي..} أبلغ من تشريف آدم عليه السلام بالسجود.
ولا قد ورد في بعض أخبارنا: [وارحم محمدا وآل محمد] وهذا يحمل على ما مضى من المعنى. وفي الاستذكار لبن عبد البر ما نصه: قال أبو عمر (يعني نفسه) رويت الصلاة على النبي الأكرم صلى الله عليه (وآله) وسلم من طرق متواترة بألفاظ متقاربة، وليس في شئ منها [وارحم محمدا] فلا أحب لأحد أن يقوله. وقد نقله جماعة منهم الخطان في حاشية الرسالة لابن أبي زيد، والزرقاني في شرح الموطأ في باب